وأما الإجماع : فهو أن الشافعي رحمه الله قال : تظاهرت الروايات عن علي وعمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وابن عباس وابن عمر في بلدان مختلفة وأزمان شتى : أنهم حكموا في جزاء الصيد بالمثل من النعم، فحكموا في النعامة ببدنة، وفي حمار الوحش ببقرة، وفي الضبع بكبش، وفي الغزال بعنز، وفي الظبي بشاة، وفي الأرنب بجفرة، وفي رواية بعناق، وفي الضب بسخلة، وفي اليربوع بجفرة وهذا يدل على أنهم نظروا إلى أقرب الأشياء شبهاً بالصيد من النعم لا بالقيمة ولو حكموا بالقيمة لاختلف باختلاف الأسعار والظبي هو الغزال الكبير الذكر والغزال هو الأنثى واليربوع هو الفأرة الكبيرة تكون في الصحراء، والجفرة الأنثى من أولاد المعز إذا انفصلت عن أمها والذكر جفر والعناق الأنثى من أولاد المعز إذا قويت قبل تمام الحول.
وأما القياس فهو أن المقصود من الضمان جزاء الهالك ولا شك أن المماثلة كلما كانت أتم كان الجزاء أتم فكان الايجب أولى.
حجة ابي حنيفة رحمه الله تعالى : لا نزاع أن الصيد المقتول إذا لم يكن له مثل فإنه يضمن بالقيمة فكان المراد بالمثل في قوله ﴿فَجَزَاء مّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النعم﴾ هو القيمة في هذه الصورة، فوجب أن يكون في سائر الصور كذلك لأن اللفظ الواحد لا يجوز حمله إلا على المعنى الواحد.
والجواب : أن حقيقة المماثلة أمر معلوم والشارع أوجب رعاية المماثلة فوجب رعايتها بأقصى الامكان فإن أمكنت رعايتها في الصورة وجب ذلك وإن لم يكن رعايتها إلا بالقيمة وجب الاكتفاء بها للضرورة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٧٤ ـ ٧٥﴾

فصل


قال الفخر :
جماعة محرمون قتلوا صيداً.
قال الشافعي رحمه الله : لا يجب عليهم إلا جزاء واحداً، وهو قول أحمد وإسحاق، وقال أبو حنيفة ومالك والثوري رحمهم الله : يجب على كل واحد منهم جزاء واحد.


الصفحة التالية
Icon