ولما كان الأمر مفروضاً في المتعمد قال معلقاً بالجزاء، أي فعليه أن يجازي بما ينقص المال أو يؤلم الجسم ﴿ليذوق وبال﴾ أي ثقل ﴿أمره﴾ وسوء عاقبته ليحترز عن مثل ما وقع فيه ؛ ولما كان هذا الجزاء محكوماً به في دار العمل التي لا يطلع أهلها بمجرد عقولهم فيها على غيب، ولا يعرفون عاقبة أمر إلاّ تخرصاً، طرد الحكم في غير المتعمد لئلا يدعي المتعمد أنه مخطئ، كل ذلك حمى لحرمة الدين وصوناً لحرمة الشرع وحفظاً لجانبه ورعاية لشأنه، ولما كان قد مضى منهم قبل نزولها من هذا النوع أشياء، كانوا كأنهم قالوا : فكيف نصنع بما أسلفنا؟ قال جواباً :﴿عما سلف﴾ أي تعمده، أي لكم من ذلك، فمن حفظ نفسه بعد هذا فاز ﴿ومن عاد﴾ إلى تعمد شيء من ذلك ولو قل ؛ ولما كان المبتدأ متضمناً معنى الشرط، قرن الخبر بالفاء إعلاماً بالسببية فقال :﴿فينتقم الله﴾ أي الذي له الأمر كله ﴿منه﴾ أي بسبب عوده بما يستحقه من الانتقام.
ولما كان فاعل ذلك منتهكاً لحرمة الإحرام والحرم، وكان التقدير : فالله قادر عليه، عطف على ذلك ما اقتضاه المقام من الإتيان بالاسم الأعظم ووصف العزة فقال :﴿والله﴾ أي الملك الأعلى الذي لا تداني عظمتَه عظمةٌ ﴿عزيز﴾ لا يغلب ﴿ذو انتقام﴾ ممن خالف أمره. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٥٤٠ ـ ٥٤٢﴾
فصل
قال الفخر :
المراد بالصيد قولان.
الأول : أنه الذي توحش سواء كان مأكولاً أو لم يكن، فعلى هذا المحرم إذا قتل سبعاً لا يؤكل لحمه ضمن ولا يجب به قيمة شاة، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله، وقال زفر : يجب بالغاً ما بلغ.