الثاني : أنه تعالى لما قال :﴿مَّا عَلَى الرسول إِلاَّ البلاغ﴾ وهذا ادعاء منه للرسالة، ثم إن الكفار كانوا يطالبونه بعد ظهور المعجزات، بمعجزات أخر على سبيل التعنت كما قال تعالى حاكياً عنهم ﴿وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حتى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرض يَنْبُوعًا﴾ [ الإسرار : ٩٠ ] إلى قوله ﴿قُلْ سبحان رَبّى هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً﴾ [ الإسرار : ٩٣ ] والمعنى إني رسول أمرت بتبليغ الرسالة والشرائع والأحكام إليكم، والله تعالى قد أقام الدلالة على صحة دعواي في الرسالة بإظهار أنواع كثيرة من المعجزات، فبعد ذلك طلب الزيادة من باب التحكم وذلك ليس في وسعي ولعل إظهارها يوجب ما يسوءكم مثل أنها لو ظهرت فكل من خالف بعد ذلك استوجب العقاب في الدنيا، ثم إن المسلمين لما سمعوا الكفار يطالبون الرسول ﷺ بهذه المعجزات، وقع في قلوبهم ميل إلى ظهورها فعرفوا في هذه الآية أنهم لا ينبغي أن يطلبوا ذلك فربما كان ظهورها يوجب ما يسوءهم.
الوجه الثالث : أن هذا متصل بقوله :﴿والله يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ﴾ [ المائدة : ٩٩ ] فاتركوا الأمور على ظواهرها ولا تسألوا عن أحوال مخفية إن تبد لكم تسؤكم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٨٦ ـ ٨٧﴾


الصفحة التالية
Icon