ومن فوائد ابن الجوزى فى الآية
قال رحمه الله :
قوله تعالى :﴿ جعل الله الكعبة ﴾ جعل بمعنى : صيّر.
وفي تسمية الكعبة كعبة قولان.
أحدهما : لأنها مربعة، قاله عكرمة، ومجاهد.
والثاني : لعُلوها ونتوئها، يقال : كعبت المرأة كعابة، وهي كاعب : إِذا نتأ ثديها.
ومعنى تسمية البيت بأنه حرام : أنه حَرُم أن يصاد عنده، وأن يختلى ما عنده من الخلا، وأن يُعضَدَ شجرُه، وعظمت حرمته.
والمراد بتحريم البيت سائِر الحرم، كما قال :﴿ هدياً بالغ الكعبة ﴾ وأراد : الحرم.
والقيام : بمعنى القوام.
وقرأ ابن عامر : قيما بغير ألف.
قال أبو علي : وجهه على أحد أمرين، إِما أن يكون جعله مصدراً، كالشبع، أو حذف الألف وهو يريدها، كما يُقصر الممدود.
وفي معنى الكلام ستة أقوال.
أحدها : قياماً للدين، ومعالم للحج، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
والثاني : قياماً لأمرِ مَن توجه إِليها، رواه العوفي عن ابن عباس.
قال قتادة : كان الرجل لو جرَّ كل جريرة، ثم لجأ إِليها، لم يُتناول، [ ولم يُقْرَب.
وكان الرجل لو لقي قاتل أبيه في الشهر الحرام، لم يعرض له ولم يقربه، وكان الرجل إِذا أراد البيت تقلد قلادة من شعر، فأحمته ومنعته من الناس، وكان إِذا نفر تقلد قلادة من الاذخر أو من لِحاء السَّمُر فمنعته من الناس حتى يأتي أهله.
حواجز ألقاها الله بين الناس في الجاهلية ].
والثالث : قياماً لبقاء الدين، فلا يزال في الأرض دين ما حُجَّت واستُقْبِلت، قاله الحسن.
والرابع : قوام دنيا وقوام دين، قاله أبو عبيدة.
والخامس : قياماً للناس، أي : مما أُمروا أن يقوموا بالفرض فيه، ذكره الزجاج.
والسادس : قياماً لمعايشهم ومكاسبهم بما يحصل لهم من التجارة عندها، ذكره بعض المفسرين.