والأوّل أصح لعموم الآية، ولقوله عليه السَّلام :" من عَمِل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رَدٌّ ".
قلت : وإذا تُتبع هذا المعنى في عدم الاستواء في مسائل الفقه تعدّدت وكثرت، فمن ذلك الغاصب وهي :
الثالثة إذا بنى في البقعة المغصوبة أو غَرَس فإنه يلزمه قلع ذلك البناء والغرس ؛ لأنه خبيث، ورَدّها ؛ خلافاً لأبي حنيفة في قوله : لا يَقلع ويأخذ صاحبها القيمة.
وهذا يَرده قوله عليه السَّلام :" ليس لِعْرقٍ ظالمٍ حقٌّ " قال هشام : العرق الظَّالم أن يَغْرِس الرجل في أرض غيره ليستحقّها بذلك.
قال مالك : العِرْق الظالم كل ما أخذ واحتفر وغُرس في غير حق.
قال مالك : من غَصَب أرضاً فزرعها، أو أَكْرَاها، أو داراً فسكنها أو أَكْرَاها، ثم استحقها ربها أن على الغاصب كراء ما سكن وردّ ما أخذ في الكِراء.
واختلف قوله إذا لم يسكنها أو لم يزرع الأرض وعطّلها ؛ فالمشهور من مذهبه أنه ليس عليه فيه شيء ؛ وقد روي عنه أنه عليه كِراء ذلك كله.
واختاره الوَقَّار، وهو مذهب الشافعي ؛ لقوله عليه السَّلام :" ليس لِعرقٍ ظالمٍ حقٌّ " وروى أبو داود عن أبي الزُّبير أن رجلين اختصما إلى رسول الله ﷺ : غَرَس أحدهما نخلاً في أرض الآخر، فقضى لصاحب الأرض بأرضه، وأمر صاحب النخل أن يخرج نخله منها، قال : فلقد رأيتها، وإنها لتضرب أُصولها بالفُؤس حتى أخرجت منها وإنّها لنخل عُمٌّ.
وهذا نص.
قال ابن حبيب : والحكم فيه أن يكون صاحب الأرض مخيّراً على الظالم، إن شاء حبس ذلك في أرضه بقيمته مقلوعاً، وإن شاء نزعه من أرضه ؛ وأجر النزع على الغاصب.
وروى الدَّارَقُطْنِيّ عن عائشة قالت قال رسول الله ﷺ :" من بنى في رِباع قوم بإذنهم فله القيمة ومن بنى بغير إذنهم فله النقض " قال علماؤنا : إنما تكون له القيمة ؛ لأنه بنى في موضع يملك منفعته.


الصفحة التالية
Icon