وقيل الخطاب للنبي ﷺ والمراد أمته والواو لعطف الشرطية على مثلها المقدر.
وقيل للحال أي لو لم يعجبك ولو أعجبك وكلتاهما في موضع الحال من فاعل ﴿ لاَ يَسْتَوِى ﴾ أي لا يستويان كائنين على كل حال مفروض.
وقد حذفت الأولى في مثل هذا التركيب لدلالة الثانية عليها دلالة واضحة فإن الشيء إذا تحقق مع المعارض فلأن يتحقق بدونه أولى.
وجواب لو محذوف في الجملتين لدلالة ما قبلها عليه ﴿ فاتقوا الله ياأولى أُوْلِى الألباب ﴾ في تحري الخبيث وإن كثر وآثروا عليه الطيب وإن قل فإن مدار الاعتبار هو الخيرية والرداءة لا الكثرة والقلة وفي الأكثر أحسن كل شيء أقله.
ولله در من قال
: والناس ألف منهم كواحد...
وواحد كالألف إن أمر عنا
وفي الآية كما قيل إشارة إلى غلبة أهل الإسلام وإن قلوا ﴿ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ راجين أن تنالوا الفلاح والفوز بالثواب العظيم والنعيم المقيم. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
لما آذن قوله :﴿ اعلموا أنّ الله شديد العقاب وأنّ الله غفور رحيم ﴾ [ المائدة : ٩٨ ] وقوله :﴿ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون ﴾ [ المائدة : ٩٩ ] بأنّ الناس فريقان : مطيعون وعصاة، فريق عاندوا الرسول ولم يمتثلوا، وهم من بقي من أهل الشرك ومن عاضدهم من المنافقين، وربما كانوا يظهرون للقبائل أنّهم جمع كثير، وأنّ مثلهم لا يكون على خطأ، فأزال الله الأوهام التي خامرت نفوسهم فكانت فتنة أو حجّة ضالّة يموّه بها بعض منهم على المهتدين من المسلمين.
فالآية تؤذن بأن قد وجدت كثرة من أشياء فاسدة خيف أن تستهوي من كانوا بقلّة من الأشياء الصالحة، فيحتمل أن تكون تلك الكثرة كثرة عدد في الناس إذ معلوم في متعارف العرب في الجاهلية وفي أول الإسلام الاعتزاز بالكثرة والإعجاب بها.
قال الأعشى:
ولستَ بالأكثرِ منهم حصًى...
وإنّما العزّة للكاثر
وقال السموأل أو عبد الملك الحارثي:
تعيّرنا أنّا قليل عَدِيدنَا...


الصفحة التالية
Icon