والقول الثالث : أن العرب كانت إذا ولدت الشاة لهم ذكراً قالوا هذا لآلهتنا فيتقربون به، وإذا ولدت أنثى قالوا هذه لنا، وإذا ولدت ذكراً وأنثى قالوا : وصلت أخاها فلم يذبحوه لمكانها، قاله أبو عبيدة.
وأما الحام ففيه قول واحد أجمعوا عليه وهو البعير ينتج من صلبه عشرة أبطن، فيقال حمى ظهره ويخلَّى. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٢ صـ ﴾. باختصار يسير.
وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ ما جعل الله من بحيرة ﴾ أي : ما أوجب ذلك، ولا أمر به.
وفي "البحيرة" أربعة أقوال.
أحدها : أنها الناقة إِذا نُتِجَتْ خمسة أبطن نظروا إِلى الخامس، فإن كان ذكراً نحروه، فأكله الرجال والنساء، وإِن كان أنثى شقوا أُذنها، وكانت حراماً على النساء لا ينتفعن بها، ولا يذقن من لبنها، ومنافعها للرجال خاصة، فإذا ماتت، إشترك فيها الرجال والنساء، قاله ابن عباس، واختاره ابن قتيبة.
والثاني : أنها الناقة تلد خمس إِناث ليس فيهن ذكر، فيَعْمِدون إِلى الخامسة، فيَبْتِكُون أُذنها، قاله عطاء.
والثالث : أنها ابنة السائِبة، قاله ابن إِسحاق، والفراء.
قال ابن إِسحاق : كانت الناقة إِذا تابعت بين عشر إِناث، ليس فيهن ذكر، سُيِّبت، فإذا نُتِجَتْ بعد ذلك أُنثى، شقّت أُذنها، وسمّيت بحيرة، وخليت مع أُمها.
والرابع : أنها الناقة كانت إِذا نُتِجَت خمسة أبطن، وكان آخرها ذكراً بحروا أُذنها، أي : شقُّوها، وامتنعوا من ركوبها وذبحها، ولا تطرد عن ماء، ولا تمنع عن مرعى، وإِذا لقيها لم يركبها، قاله الزجاج.
فأما "السائبة"، فهي فاعلة بمعنى : مفعولة، وهي المسيّبة، كقوله :﴿ في عيشة راضية ﴾ : أي مرضيّة.
وفي السائِبة خمسة أقوال.
أحدها : أنها التي تُسيّب من الأنعام للآلهة، لا يركبون لها ظهراً، ولا يحلبون لها لبناً، ولا يجزُّون منها وبراً، ولا يحملون عليها شيئاً، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.