والأمر في قوله ﴿ تعالَوْا ﴾ مستعمل في طلب الإقبال، وفي إصغاء السمع، ونظر الفكر، وحضور مجلس الرسول ﷺ وعدم الصدّ عنه، فهو مستعمل في حقيقته ومجازه.
وتقدّم الكلام على فعل ( تعالَ ) عند الكلام على نظير هذه الآية في سورة النساء.
و﴿ ما أنزل الله ﴾ : هو القرآنُ.
وعطف ﴿ والى الرسول ﴾ لأنّه يرشدهم إلى فهم القرآن.
وأعيد حرف ( إلى ) لاختلاف معنيي الإقبال بالنسبة إلى متعلّقي ﴿ تعالوا ﴾ فإعادة الحرف قرينة على إرادة معنيي ﴿ تعالوا ﴾ الحقيقي والمجازي.
وقوله ﴿ قالوا حسبنا ﴾ أي كافينا، إذا جُعلت ( حَسْب ) اسماً صريحاً و﴿ ما وجدنا ﴾ هو الخبر، أو كفانا إذا جُعلت ( حسب ) اسمَ فعل و﴿ ما وجدنا ﴾ هو الفاعلَ.
وقد تقدّم ذلك عند قوله تعالى ﴿ وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ﴾ في سورة آل عمران ( ١٧٣ ).
و( على ) في قوله : ما وجدنا عليه ءاباءنا } مجاز في تمكّن التلبّس، وتقدّم في قوله تعالى :﴿ أولئك على هدى من ربّهم ﴾ [ البقرة : ٥ ].
وقوله :﴿ أو لو كان آباؤهم لا يعلمون ﴾ الخ، تقدّم القول على نظيره في سورة البقرة ( ١٧٠ ) عند قوله :﴿ وإذا قيل لهم اتّبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتّبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤكم ﴾ الآية.
وليس لهذه الآية تعلّق بمسألة الاجتهاد والتقليد كما توهّمه جمع من المفسّرين، لأنّ هذه الآية في تنازع بين أهل ما أنزل الله وأهل الافتراء على الله، فأمّا الاجتهاد والتقليد في فروع الإسلام فذلك كلّه من اتّباع ما أنزل الله.
فتحميل الآية هذه المسألة إكراه للآية على هذا المعنى. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٥ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon