فصل
قال الفخر :
اعلم أنه يقال : فعل وعمل وطفق وجعل وأنشأ وأقبل، وبعضها أعم من بعض، وأكثرها عموماً فعل، لأنه واقع على أعمال الجوارح وأعمال القلوب، أما إنه واقع على أعمال الجوارح فظاهر، وأما إنه واقع على أعمال القلوب، فالدليل عليه قوله تعالى :﴿لَوْ شَآء الله مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَىْء نَّحْنُ وَلا ءابَاؤُنَا﴾ إلى قوله ﴿كَذَلِكَ فَعَلَ الذين مِن قَبْلِهِمْ﴾ [ النحل : ٣٥ ] وأما عمل فإنه أخص من فعل، لأنه لا يقع إلا على أعمال الجوارح، ولا يقع على الهم والعزم والقصد، والدليل عليه قوله عليه السلام :" نية المؤمن خير من عمله " جعل النية خيراً من العمل، فلو كانت النية عملاً، لزم كون النية خيراً من نفسها، وأما جعل فله وجوه : أحدها : الحكم ومنه قوله ﴿وَجَعَلُواْ الملئكة الذين عَمَّ عِبَادُ الرحمن إناثا﴾ [ الزخرف : ١٩ ] وثانيها : الخلق، ومنه قوله :﴿وَجَعَلَ الظلمات والنور﴾ [ الأنعام : ١ ].
وثالثها : بمعنى التصيير ومه قوله ﴿إِنَّا جعلناه قُرْءاناً عَرَبِيّاً﴾ [ الزخرف : ٣ ].
إذا عرفت هذا فنقول : قوله ﴿مَّا جَعَلَ الله﴾ أي ما حكم الله بذلك ولا شرع ولا أمر به. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٩٠ ـ ٩١﴾
فصل
قال الفخر :
إنه تعالى ذكر ههنا أربعة أشياء : أولها : البحيرة : وهي فعيلة من البحر وهو الشق، يقال : بحر ناقته إذا شق أذنها، وهي بمعنى المفعول، قال أبو عبيدة والزجاج : الناقة إذا نتجت خمسة أبطن، وكان آخرها ذكراً شقوا أذن الناقة وامتنعوا من ركوبها وذبحها وسيبوها لآلهتهم، ولا يجز لها وبر، ولا يحمل على ظهرها، ولا تطرد عن ماء، ولا تمنع عن مرعى، ولا ينتفع بها وإذا لقيها المعيي لم يركبها تحريجاً.