وروى سهل بن الأشهب عن الحسين والربيع عن أبي العالية إن هذه الآية قرأت على ابن مسعود ﴿ يا أيها الذين آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ﴾، فقال ابن مسعود : ليس هذا بزمانها قولوها ما قبلت منكم فإذا رُدت عليكم فعليكم أنفسكم، ثم قال : إن القرآن نزل حين نزل فمنه آي قد مضى تأويلهن ومنه آي وقع تأويلهن على عهد رسول اللّه ومنه آي يقع تأويلهن بعد النبيّ ﷺ يسير ومنه من يقع آي لا ينهض بعد اليوم ومنه آي يقع في آخر الزمن ومنه آي يقع تأويلهن يوم القيامة ما ذكر من الحساب والجنة والنار فما دامت قلوبكم وأهواؤكم واحدة ولم تلبسوا شيعاً ولم يذق بعضكم بأس بعض فأمروا وانهوا، فإذا اختلفت القلوب والأهواء وأُلبستم شيعاً وذاق بعضكم بأس بعض فامْرُؤ ونفسه فعند ذلك جاء تأويل هذه الآية.
قال أبو أميّة السمعاني : سمعت أبا ثعلبة [ الخشني ] عن هذه الآية ﴿ يا أيها الذين آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ﴾.
فقال أبو ثعلبة : سألت عنها رسول اللّه ﷺ فقال :" ائمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت ديناً موثراً وشحاً مطاعاً وهوىً متبعاً وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخويصة نفسك وذر عوامهم فإن وراءكم أياماً أيام الصبر فإذا عمل العبد بطاعة اللّه لم يضره من ضل بعده وهلك وأجر العامل يومئذ بمثل الذي أنتم عليه كأجر خمسين عامل ".
قالوا : يا رسول اللّه كأجر خمسين عاملاً منهم؟
قال :" لا بل كأجر خمسين عاملاً منكم ".
وقال بعضهم : نزلت هذه الآية في أهل الأهواء.
وقال أبو جعفر الرازي : دخل على صفوان بن حرث شاب من أصحاب الأهواء فذكر شيئاً من أمره، فقال صفوان : ألا أدلك على خاصة اللّه التي تخص بها أولياءه، ﴿ يا أيها الذين آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ﴾ الآية.
وقال الضحّاك : عليكم أنفسكم إذا إختلفت الأهواء ما لم يكن سيف أو سوط.