أجاب الأولون عنه : لم لا يجوز أن يكون المراد بالعدل من كان عدلاً في الاحتراز عن الكذب، لا من كان عدلاً في الدين والاعتقاد، والدليل عليه : أنا أجمعنا على قبول شهادة أهل الأهواء والبدع، مع أنهم ليسوا عدولاً في مذاهبهم، ولكنهم لما كانوا عدولاً في الاحتراز عن الكذب قبلنا شهادتهم، فكذا ههنا سلمنا أن الكافر ليس بعدل، إلا أن قوله ﴿وأشهدوا ذوى عدل منكم﴾ [ الطلاق : ٢ ] عام، وقوله في هذه الآية ﴿إثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض﴾ خاص فإنه أوجب شهادة العدل الذي يكون منا في الحضر، واكتفى بشهادة من لا يكون منا في السفر، فهذه الآية خاصة، والآية التي ذكرتموها عامة، والخاص مقدم على العام، لا سيما إذا كان الخاص متأخراً في النزول، ولا شك أن سورة المائدة متأخرة، فكان تقديم هذه الآية الخاصة على الآية العامة التي ذكرتموها واجباً بالاتفاق والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٩٥ ـ ٩٧﴾
قوله تعالى ﴿أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت﴾
فائدة
قال الفخر :
قوله ﴿أو آخران﴾ عطف على قوله ﴿اثنان﴾ والتقدير : شهادة بينكم أن يشهد اثنان منكم أو آخران من غيركم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٩٧﴾
وقال الماوردى :
﴿ أَوْ ءَاخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ﴾ فيه تأويلان :
أحدهما : من غير دينكم من أهل الكتاب، قاله ابن عباس، وأبو موسى، وسعيد بن جبير، وإبراهيم، وشريح.
والثاني : من غير قبيلتكم وعشيرتكم، قاله الحسن، وعكرمة، والزهري، وعبيدة.
وفي ﴿ أَوْ ﴾ في هذا الموضع قولان :
أحدهما : أنها للتخيير في قبول اثنين منا أو آخرين من غيرنا.
والثاني : أنها لغير التخيير، وإن معنى الكلام، أو آخران من غيركم إن لم تجدوا، منكم، قاله ابن عباس وشريح، وسعيد بن جبير والسدي. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon