وهو مبتدأ خبره قوله تعالى :﴿ يِقُومَانُ مَقَامَهُمَا ﴾ والفاء جزائية وهي إحدى مصوغات الإبتداء بالنكرة.
ولا محذور في الفصل بالخبر بين المبتدأ وصفته وهو قوله سبحانه :﴿ مِنَ الذين استحق عَلَيْهِمُ الأوليان ﴾، وقيل : هو خبر مبتدأ محذوف أي فالشاهدان آخران، وجملة ﴿ يِقُومَانُ ﴾ صفته والجار والمجرور صفة أخرى ؛ وجوز أبو البقاء أن يكون حالاً من ضمير ﴿ يِقُومَانُ ﴾، وقيل : هو فاعل فعل محذوف أي فليشهد آخران وما بعده صفة له، وقيل : مبتدأ خبره الجار والمجرور، والجملة الفعلية صفته وضمير ﴿ مَقَامَهُمَا ﴾ في جميع هذه الأوجه مستحق للذين استحقا.
وليس المراد بمقامهما مقام أداء الشهادة التي تولياها ولم يؤدياها كما هي بل هو مقام الحبس والتحليف، و﴿ استحق ﴾ بالبناء للفاعل قراءة عاصم في رواية حفص عنه وبها قرأ علي كرم الله تعالى وجهه وابن عباس وأبي رضي الله تعالى عنهم وفاعله ﴿ الأوليان ﴾، والمراد من الموصول أهل الميت ومن الأوليين الأقربان إليه الوارثان له الأحقان بالشهادة لقربهما واطلاعهما وهما في الحقيقة الآخران القائمان مقام اللذين استحقا إثماً إلا أنه أقيم المظهر مقام ضميرهما للتنبيه على وصفهما بهذا الوصف.
ومفعول ﴿ استحق ﴾ محذوف واختلفوا في تقديره فقدره الزمخشري أن يجردوهما للقيام بالشهادة ليظهروا بهما كذب الكاذبين، وقدره أبو البقاء وصيتهما، وقدره ابن عطية ما لهم وتركتهم.
وقال الإمام : إن المراد بالأوليان الوصيان اللذان ظهرت خيانتهما.
وسبب أولويتهما أن الميت عينهما للوصية فمعنى ﴿ استحق عَلَيْهِمُ الأوليان ﴾ خان في مالهم وجنى عليهم الوصيان اللذان عثر على خيانتهما.
وعلى هذا لا ضرورة إلى القول بحذف المفعول، وقرأ الجمهور ﴿ استحق عَلَيْهِمُ الأوليان ﴾ ببناء استحق للمفعول.


الصفحة التالية
Icon