وقال ابن عاشور :
وقوله ﴿ فآخران ﴾ أي رجلان آخران، لأنّ وصف آخر يطلق على المغاير بالذات أو بالوصف مع المماثلة في الجنس المتحدّث عنه، والمتحدث عنه هنا ﴿ اثنان ﴾.
فالمعنى فاثنان آخران يقومان مقامهما في إثبات الوصية.
ومعنى يقومان مقامهما، أي يعوّضان تلك الشهادة.
فإنّ المقام هو محلّ القيام، ثم يراد به محلّ عمل مّا، ولو لم يكن فيه قيام، ثم يراد به العمل الذي من شأنه أن يقع في محلّ يقوم فيه العامل، وذلك في العمل المهمّ.
قال تعالى :﴿ إن كان كبُر عليكم مقامي وتذكيري ﴾ [ يونس : ٧١ ].
فمقام الشاهدين هو إثبات الوصية.
و﴿ من ﴾ في قوله :﴿ من الذين استحقّ عليهم ﴾ تبعيضية، أي شخصان آخران يكونان من الجماعة من الذين استحق عليهم.
والاستحقاق كون الشيء حقيقاً بشيء آخر، فيتعدّى إلى المفعول بنفسه، كقوله :﴿ استحقّا إثماً ﴾، وهو الشيء المستحق.
وإذا كان الاستحقاق عن نزاع يعدّى الفعل إلى المحقوق بـ ﴿ على ﴾ الدالّة على الاستعلا بمعنى اللزوم له وإن كره، كأنّهم ضمّنوه معنى وجَب كقوله تعالى :﴿ حقيق على أن لا أقول على الله إلاّ الحق ﴾ [ الأعراف : ١٠٥ ].
ويقال : استحقّ زيد على عمرو كذا، أي وجب لزيد حقّ على عمرو، فأخذه منه. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٥ صـ ﴾
فائدة
قال الفخر :
إنما وصفهما بأنهما أوليان لوجهين :
الأول : معنى الأوليان الأقربان إلى الميت.
الثاني : يجوز أن يكون المعنى الأوليان باليمين، والسبب فيه أن الوصيين قد ادعيا أن الميت باع الإناء الفضة فانتقل اليمين إلى موالي الميت، لأن الوصيين قد ادعيا أن مورثهما باع الإناء وهما أنكرا ذلك، فكان اليمين حقاً لهما، وهذا كما أن إنساناً أقر لآخر بدين ثم ادعى أنه قضاه حكم برد اليمين إلى الذي ادعى الدين أولاً لأنه صار مدعى عليه أنه قد استوفاه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٠٠﴾
فصل
قال الفخر :