والخامس : أنها للأمر بالثبات على الإيمان من غير مبالاة بنسبة الآباء إلى السفه، فقد قيل : كان الرجل إذا أسلم قالوا له سفهت أباك فنزلت، وقيل : معنى الآية يا أيها الذين آمنوا الزموا أهل دينكم واحفظوهم وانصروهم لا يضركم من ضل من الكفار إذا فعلتم ذلك، والتعبير عن أهل الدين بالأنفس على حد قوله تعالى :﴿ لاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ﴾ [ النساء : ٢٩ ] ونحوه، والتعبير عن ذلك الفعل بالاهتداء للترغيب فيه ولا يخفى ما فيه. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾
وقال الشيخ الشنقيطى :
قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَّن ضَلَّ إِذَا اهتديتم ﴾.
قد يتوهم الجاهل من ظاهر هذه الآية الكريمة عدم وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن نفس الآية فيها الإشارة إلى أن ذلك فيما إذا بلغ جهده فلم يقبل منه المأمور، وذلك في قوله ﴿ إِذَا اهتديتم ﴾، لأن من ترك الأمر بالمعروف لم يهتد، وممن قال بهذا حذيفة، وسعيد بن المسيب، كما نقله عنهما الألوسي في تفسيره، وابن جرير، ونقله القرطبي عن سعيد بن المسيب، وأبي عبيد القاسم بن سلام، ونقل نحوه ابن جرير عن جماعة من الصحابة منهم ابن عمر وابن مسعود.
فمن العلماء من قال :﴿ إِذَا اهتديتم ﴾ أي أمرتم فلم يسمع منكم، ومنهم من قال : يدخل الأمر بالمعروف في المراد بالاهتداء في الآية، وهو ظاهر جداً ولا ينبغي العدول عنه لمنصف.