فائدة
قال فى روح البيان :
اعلم أن الشهادة في الشرع الإخبار عن أمر حضره الشهود وشاهدوه إما معاينة كالأفعال نحو القتل والزنى أو سماعاً كالعقود والإقرارات فلا يجوز له أن يشهد إلا بما حضره وعلمه وسمعه ولهذا لا يجوز له أداء الشهادة حتى تذكر الحادثة وفي الحديث :"إذا علمت مثل الشمس فاشهد وإلا فدع" وفي الشهادة إحياء حقوق الناس وصون العقود عن التجاحد وحفظ الأموال على أربابها وفي الحديث :"أكرموا شهودكم فإن الله يستخرج بهم الحقوق" ومن تعين للتحمل لا يسعه أن يمتنع إذا طلب لما فيه من تضييع الحقوق إلا أن يقوم الحق بغيره بأن يكون في الصك سواه ممن يقوم الحق به فيجوز له الامتناع لأن الحق لا يضيع بامتناعه وهو مخير في الحدود بين الشهادة والستر لأن إقامة الحدود حسبة والستر على المسلم حسبة والستر أفضل وفي الحديث "من ستر على مسلم ستره الله عليه في الدنيا والآخرة".
ثم اعلم أن اليمين الفاجرة تبقى الديار بلاقع فينبغي لطالب الآخرة أن يجتنب عن الكذب لطمع الدنيا وأن يختار الصدق في كل قول وفعل
والأمانة من الأوصاف الجميلة والله تعالى يأمر بأداء الأمانات وإن قل أصحابه في هذا الزمان وعاقبة الخيانة الافتضاح فلا بد من التقوى وسماع الأحكام الأزلية والله لا يهدي إلى حضرته القوم الفاسقين يعني الذين كانوا خارجين عند رشاش النور وإصابته كما قال عليه السلام :"فمن أصابه ذلك النور فقد اهتدى ومن أخطأه فقد ضل" عصمنا الله وإياكم من مخالفة أمره ولا يجعلنا ممن ضاع أنفاس عمره إنه هو الموفق والمرشد والوهاب. أ هـ ﴿روح البيان حـ ٢ صـ ٥٤٨ ـ ٥٤٩﴾