ومعنى تندلق أقتابه : تتدلى أمعاؤه، أعاذنا الله والمسلمين من كل سوء، وعن أنس قال : قال رسول الله ﷺ " رأيت ليلة أسرى بي رجالا تُقْرَضُ شِفَاهُهُمِ بِمَقَارِيضَ مِن نار كلما قُرِضَتْ رجعت فقلت لجبريل : من هؤلاء؟ قال : هؤلاء خُطَبَاء من أمتك كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون " أخرجه الإمام أحمد، وابن ابي شيبة، وعبد بن حميد والبزار، وابن المنذر وابن أبي حاتم، وأبو نعيم في الحلية، وابن حيان وابن مردويه والبيهقي، كما نقله عنهم الشوكاني وغيره. وعن ابن عباس رضي الله عنهما " أنه جاءه رجل فقال له : يا ابن عباس إني اريد أن آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر، فقال ابن عباس : أو بلغت ذلك؟ فقال أرجو، قال : فإن لم تخش أن تفتضح بثلاثة أحرف في كتاب الله فافعل، قال : وما هي؟ قال قوله تعالى :﴿ أَتَأْمُرُونَ الناس بالبر وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ ﴾ [ البقرة : ٤٤ ] الآية، وقوله تعالى :﴿ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ الله أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ ﴾ [ الصف : ٣ ]، وقوله تعالى عن العبد الصالح شعيب عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ﴿ وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلى مَآ أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ﴾ [ هود : ٨٨ ] الآية، أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، وابن مردويه، وابن عساكر، كما نقله عنهم أيضاً الشوكاني وغيره.
واعلم أن التحقيق أن هذا الوعيد الشديد الذي ذكرنا من اندلاق الأمعاء في النارن وقرض الشفاه بمقاريض النار، ليس على الأمر بالمعروف. وإنما هو على ارتكابه المنكر عالماً بذلك، ينصح الناس عنه، فالحق أن الأمر بالمعروف غير ساقط عن صالح، ولا طالح، والوعيد على المعصية، لا على الأمر بالمعروف، لأنه في حد ذاته ليس فيه إلا الخير، ولقد أجاد من قال :
لا تنه عن خلق وتأتي مثله... عار عليك إذا فعلت عظيم
وقال الآخر :


الصفحة التالية
Icon