أحدهما : لا يضركم من ضل بترك الأمر بالمعروف إِذا اهتديتم أنتم للأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، قاله حُذيفة بن اليمان، وابن المسيّب.
والثاني : لا يضرُّكم من ضل من أهل الكتاب إِذا أدُّوا الجزية، قاله مجاهد.
وفي قوله :﴿ فينبئكم بما كنتم تعملون ﴾ تنبيهٌ على الجزاء. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن عطية :
وقوله تعالى :﴿ إلى الله مرجعكم جميعاً ﴾ الآية، تذكير بالحشر وما بعده، وذلك مسل عن أمور الدنيا ومكروهها ومحبوبها، وروي عن بعض الصالحين أنه قال : ما من يوم إلا يجيء الشيطان فيقول : ما تأكل وما تلبس وأين تسكن؟ فأقول له آكل الموت وألبس الكفن وأسكن القبر.
قال القاضي أبو محمد : فمن فكر في مرجعه إلى الله تعالى فهذه حاله. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال الآلوسى :
﴿ إِلَى الله ﴾ لا إلى أحد سواه ﴿ مَرْجِعُكُمْ ﴾ رجوعكم يوم القيامة ﴿ جَمِيعاً ﴾ بحيث لا يتخلف عنه أحد من المهتدين وغيرهم ﴿ فَيُنَبّئُكُمْ ﴾ بالثواب والعقاب ﴿ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ في الدنيا من أعمال الهداية والضلال، فالكلام وعد ووعيد للفريقين، وفيه كما قيل دليل على أن أحداً لا يؤاخذ بعمل غيره وكذا يدل على أنه لا يثاب بذلك، وسيأتي إن شاء الله تعالى تحقيق ذلك. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿ إلى الله مرجعكم جميعاً ﴾ عذر للمهتدي ونذارة للضالّ.
وقدّم المجرور للاهتمام بمتعلّق هذا الرجوع وإلقاء المهابة في نفوس السامعين، وأكّد ضمير المخاطبين بقوله :﴿ جميعاً ﴾ للتنصيص على العموم وأن ليس الكلام على التغليب.
والمراد بالإنباء بما كانوا يعملون الكناية عن إظهار أثر ذلك من الثواب للمهتدي الداعي إلى الخير، والعذاب للضالّ المعرض عن الدعوة.
والمرجع مصدر ميمي لا محالة، بدليل تعديته بـ ﴿ إلى ﴾، وهو ممّا جاء من المصادر الميمية بكسر العين على القليل، لأنّ المشهود في الميمي مِن يَفعِل بكسر العين أن يكون مفتوح العين. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٥ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon