وقيل : الآية في أهل الأهواء الذين لا ينفعهم الوعظ ؛ فإذا علمت من قوم أنهم لا يقبلون، بل يستخفون ويظهرون فاسكت عنهم.
وقيل : نزلت في الأسارى الذين عذّبهم المشركون حتى ارتد بعضهم، فقيل لمن بقي على الإسلام : عليكم أنفسكم لا يضركم ارتدادُ أصحابكم.
وقال سعيد بن جبير : هي في أهل الكتاب وقال مجاهد : في اليهود والنصارى ومن كان مثلهم ؛ يذهبان إلى أن المعنى لا يضركم كفر أهل الكتاب إذا أدّوا الجِزية.
وقيل : هي منسوخة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ قاله المهدويّ.
قال ابن عطية : وهذا ضعيف ولا يعلم قائله.
قلت : قد جاء عن أبي عبيد القاسم بن سلاّم أنه قال : ليس في كتاب الله تعالى آية جمعت الناسخ والمنسوخ غير هذه الآية.
قال غيره : الناسخ منها قوله :﴿ إِذَا اهتديتم ﴾، والهدي هنا هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والله أعلم.
الرابعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر متعيّن متى رُجّي القبولُ، أو رُجي ردّ الظالم ولو بعنف، ما لم يخَفِ الآمرُ ضرراً يلحقه في خاصته، أو فتنة يدخلها على المسلمين ؛ إمّا بشق عصا، وإما بضرر يلحق طائفة من الناس ؛ فإذا خيف هذا ف ﴿ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ﴾ مُحْكَم واجب أن يوقف عنده.
ولا يشترط في الناهي أن يكون عدلاً كما تقدّم ؛ وعلى هذا جماعة أهل العلم فاعلمه. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾