فَكَذَلِكَ إذَا صَارَتْ الْحَالُ إلَى مَا ذَكَرَ كَانَ فَرْضُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ بِالْقَلْبِ لِلتَّقِيَّةِ وَلِتَعَذُّرِ تَغْيِيرِهِ.
وَقَدْ يَجُوزُ إخْفَاءُ الْإِيمَانِ وَتَرْكُ إظْهَارِهِ تَقِيَّةً بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مُطْمَئِنَّ الْقَلْبِ بِالْإِيمَانِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ إلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ﴾ فَهَذِهِ مَنْزِلَةُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ.
وَقَدْ رُوِيَ فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنُ الْيَمَانِ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ عَنْ عَبَّادِ الْخَوَاصِّ قَالَ : حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرِو الشَّيْبَانِيِّ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ وَكَعْبًا كَانَا جَالِسَيْنِ بِالْجَابِيَةِ، فَأَتَاهُمَا آتٍ فَقَالَ : لَقَدْ رَأَيْت الْيَوْمَ أَمْرًا كَانَ حَقًّا عَلَى مَنْ يَرَاهُ أَنْ يُغَيِّرَهُ فَقَالَ رِجْلٌ : إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾، فَقَالَ كَعْبُ : إنَّ هَذَا لَا يَقُولُ شَيْئًا، ذُبَّ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا تَذُبُّ عَنْ عَائِلَتِك حَتَّى يَأْتِيَ تَأْوِيلُهَا.
فَانْتَبَهَ لَهَا أَبُو الدَّرْدَاءِ فَقَالَ : مَتَى يَأْتِي تَأْوِيلُهَا ؟ فَقَالَ : إذَا هُدِمَتْ كَنِيسَةُ دِمَشْقَ وَبُنِيَ مَكَانَهَا مَسْجِدٌ فَذَلِكَ مِنْ تَأْوِيلِهَا، وَإِذَا رَأَيْت الْكَاسِيَاتِ الْعَارِيَّاتِ فَذَلِكَ مِنْ تَأْوِيلِهَا ؛ وَذَكَرَ خَصْلَة ثَالِثَةً لَا أَحْفَظُهَا، فَذَلِكَ مِنْ تَأْوِيلِهَا.


الصفحة التالية
Icon