وقال الزمخشرى :
فإن قلت : كيف يقولون :﴿ لاَ عِلْمَ لَنَا ﴾ وقد علموا بما أجيبوا؟
قلت : يعلمون أن الغرض بالسؤال توبيخ أعدائهم فيكلون الأمر إلى علمه وإحاطته بما منوا به منهم وكابدوا من سوء إجابتهم، إظهاراً للتشكي واللجإ إلى ربهم في الانتقام منهم، وذلك أعظم على الكفرة وأفت في أعضادهم وأجلب لحسرتهم وسقوطهم في أيديهم إذا اجتمع توبيخ الله وتشكي أنبيائه عليهم.
ومثاله أن ينكب بعض الخوارج على السلطان خاصة من خواصه نكبة قد عرفها السلطان واطلع على كنهها وعزم على الانتصار له منه، فيجمع بينهما ويقول له : ما فعل بك هذا الخارجي وهو عالم بما فعل به، يريد توبيخه وتبكيته، فيقول له : أنت أعلم بما فعل بي تفويضاً للأمر إلى علم سلطانه، واتكالاً عليه، وإظهاراً للشكاية، وتعظيماً لما حلّ به منه.
وقيل : من هول ذلك اليوم يفزعون ويذهلون عن الجواب، ثم يجيبون بعدما تثوب إليهم عقولهم بالشهادة على أممهم.
وقيل : معناه علمنا ساقط مع علمك ومغمور به، لأنك علام الغيوب.
ومن علم الخفيات لم تخف عليه الظواهر التي منها إجابة الأمم لرسلهم، فكأنه لا علم لنا إلى جنب علمك.
وقيل : لا علم لنا بما كان منهم بعدنا، وإنما الحكم للخاتمة.
وكيف يخفى عليهم أمرهم وقد رأوهم سود الوجوه زرق العيون موبخين. أ هـ ﴿الكشاف حـ ١ صـ ٦٩٠﴾


الصفحة التالية
Icon