ويمكنُ أن يُجابَ عنه بأنَّ قوله " عائدٌ على الطَّائِرِ " لا يريدُ به الطائِرَ الذي أُضيفَتْ إليه الهيئةُ، بل الطائرُ المُصَوَّرُ، والتقدير : وإذ تخلُقُ من الطِّينِ طائراً صورةَ الطائرِ الحقيقيِّ، فتنفخُ فيه، فيكونُ طائراً حقيقيًّا، وأنَّ قوله " عائدٌ على الهيئة " لا يريدُ الهيئةَ المجرورةَ بالكاف، بل الموصوفة بالكاف، والتقدير : وإذ تخلُقُ من الطِّينِ هيئةً مِثْلَ هيئةِ الطَّائر، فتنفخُ فيها، أي : في الموصُوفَة بالكاف الَّتِي نُسِبَ خَلْقُهَا إلى عيسى - عليه السلام - وأمَّا كونُه كيف يعودُ ضميرٌ مذكَّر على هيئةٍ، وضميرٌ مؤنثٌ على الطائرِ [ لأنَّ قوله :" ويجُوزُ عكْسُ هذا " يؤدي إلى ذلك؟ فجوابُه أنه جازَ بالتأويل ؛ لأنه تُؤوَّلُ الهيئةُ بالشكْل، ويُؤوَّل الطائرُ ] بالهيئةِ ؛ فاستقام، وهو موضعُ تَأمُّلٍ، وقال هنا " بإذْنِي " أربعَ مراتٍ عَقِيبَ أربع جمل، وفي آل عمران " بإذْنِ الله " مرتَيْن ؛ لأنَّ هناك موضعَ إخبارٍ، فناسَبَ الإيجازَ، وهنا مقامُ تذكيرٍ بالنعمةِ والامتنانِ، فناسبَ الإسهابَ ؛ وقوله " بإذْنِي " حالٌ : إمَّا من الفاعلِ، أو من المفعول.
قوله :﴿ فَقَالَ الذين كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴾.


الصفحة التالية
Icon