قال الماورديّ فإن قيل : فلم سألهم عما هو أعلم به منهم؟ فعنه جوابان : أحدهما أنه سألهم ليعلمهم ما لم يعلموا من كفر أممهم ونفاقهم وكذبهم عليهم من بعدهم.
الثاني أنه أراد أن يفضحهم بذلك على رؤوس الأشهاد ليكون ذلك نوعاً من العقوبة لهم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾
وقال الثعالبى :
﴿ مَاذَا أَجَبْتُمُ ﴾ : معناه : ماذا أجابَتْكُمْ الأُمَمُ، وهذا السؤالُ للرُّسُل إنما هو لتقُومَ الحجة على الأممِ، واختلف الناسُ في معنى قولهم عليهم السلام :﴿ لاَ عِلْمَ لَنَا ﴾ : قال الطبريُّ : ذُهِلُوا عن الجوابِ، لهولِ المَطْلَع ؛ وقاله الحسنُ، وعن مجاهدٍ ؛ أنه قال : يَفْزَعُون، فيقولُون : لا علْمَ لنا، وضعَّف بعضُ النَّاس هذا المنْزَع ؛ بقوله تعالى :﴿ لاَ يَحْزُنُهُمُ الفزع الأكبر ﴾ [ الأنبياء : ١٠٣ ]، وقال ابنُ عبَّاس : معنى الآية : لاَ عِلْمَ لنا إلا ما علَّمتنا ؛ أنْتَ أعلم به منَّا، وقولُ ابنِ عباس حَسَن، وهو أصوبُ هذه المناحِي ؛ لأنه يتخرَّج على التسليم للَّه تعالى، وردِّ الأمر إلَيْه ؛ إذ هو العالِمُ بجميعِ ذلك ؛ على التَّفْصيل والكمالِ، فرأَوُا التسليمَ والخضوعَ لعلْمه المحيطِ سبحانه، قال مكِّيٌّ : قال ابنُ عباس : المعنى : لا علم لنا إلاَّ عِلمٌ أنت أعلَمُ به منَّا، وهو اختيار الطبريِّ، وقيل : لما كان السؤالُ عامًّا يقتضي بعمومه سؤالَهُم عَنْ سِرِّ الأمم وعلانِيَتِها، رَدُّوا الأمر إلَيْهِ ؛ إذ ليس عندهم إلاَّ علْمُ الظاهر ؛ قال مكِّيٌّ : وهذا القولُ أحبُّ الأقوالِ إلَيَّ، قال : ومعنى مسألة اللَّه الرُسلَ عمَّا أَجِيبُوا، إنما هو لمعنَى التوبيخِ لمَنْ أُرْسِلُوا إلَيْه ؛ كما قال تعالى :﴿ وَإِذَا الموءودة سُئِلَتْ ﴾ [ التكوير : ٨ ]، انتهى من "الهداية". أ هـ ﴿الجواهر الحسان حـ ١ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon