وقال ابن عطية :
وقرأ جمهور الناس " هل يستطيع ربُّك " بالياء ورفع الباء من ربك. وهي قراءة السبعة حاشا الكسائي، وهذا ليس لأنهم شكوا في قدرة الله على هذا الأمر كامنة بمعنى هل يفعل تعالى هذا وهل تقع منه إجابة إليه؟ وهذا كما قال لعبد الله بن زيد هل تستطيع أن تريني كيف كان رسول الله ﷺ يتوضأ؟ فالمعنى هل يخف عليك وهل تفعله؟ أما أن في اللفظة بشاعة بسببها قال عيسى ﴿ اتقوا الله إن كنتم مؤمنين ﴾ وبسببها مال فريق من الصحابة وغيرهم إلى غير هذه القراءة فقرأ علي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل وابن عباس وعائشة وسعيد بن جبير " هل تستطيع ربَّك " بالتاء ونصب الباء من ربك. المعنى هل تستطيع أن تسأل ربك؟ قالت عائشة رضي الله عنها : كان الحواريون أعرف بالله من أن يقولوا هل يستطيع ربك.
قال القاضي ابو محمد : نزهتهم عائشة عن بشاعة اللفظ وإلا فليس يلزمهم منه جهل بالله تعالى على ما قد تبين آنفاً. وبمثل هذه القراءة قرأ الكسائي وزاد أنه أدغم اللام في التاء. قال أبو علي : وذلك حسن، و﴿ أن ﴾ في قوله ﴿ أن ينزل ﴾ على هذه القراءة متعلقة بالمصدر المحذوف الذي هو سؤال. و﴿ أن ﴾ مفعول به إذ هو في حكم المذكور في اللفظ وإن كان محذوفاً منه إذ لا يتم المعنى إلا به.
قال القاضي أبو محمد : وقد يمكن أن يستغنى عن تقدير سؤال على أن يكون المعنى هل يستطيع أن يكون المعنى هل يستطيع أن ينزل ربك بدعائك أو بأثرتك عنده ونحوه هذا، فيردك المعنى ولا بد إلى مقدر يدل عليه ما ذكر من اللفظ، و" المائدة " فاعلة من ماد إذا تحرك، هذا قول الزجّاج أو من ماد إذا ماد وأطعم كما قال رؤبة :
تهدى رؤوس المترفين الأنداد... إلى أمير المؤمنين الممتاد