والثاني : أنهم استزادوا بذلك علماً إلى علمهم ويقيناً إلى يقينهم، وهذا قول من زعم أن السؤال كان بعد التصديق والمعرفة.
﴿ وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴾ يحتمل وجهين.
أحدهما : من الشاهدين لك عند الله بأنك قد أديت ما بعثك به إلينا.
والثاني : من الشاهدين عند من يأتي من قومنا بما شاهدناه من الآيات الدالة على أنك نبي إليهم وإلينا. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ قالوا نريد أن نأكل منها ﴾ هذا اعتذار منهم بيّنوا به سبب سؤالهم حين نهوا عنه.
وفي إِرادتهم للأكل منها ثلاثة أقوال.
أحدها : أنهم أرادوا ذلك للحاجة، وشدة الجوع، قاله ابن عباس.
والثاني : ليزدادوا إِيماناً، ذكره ابن الأنباري.
والثالث : للتبرك بها، ذكره الماوردي.
وفي قوله :﴿ وتطمئن قلوبنا ﴾ ثلاثة أقوال.
أحدها : تطمئن إِلى أن الله تعالى قد بعثك إِلينا نبياً.
والثاني : إِلى أن الله تعالى قد إختارنا أعواناً لك.
والثالث : إِلى أن الله تعالى قد أجابك.
وقال ابن عباس : قال لهم عيسى : هل لكم أن تصوموا لله ثلاثين يوماً، ثم لا تسألونه شيئاً إِلا أعطاكم؟ فصاموا، ثم سألوا المائدة.
فمعنى :﴿ ونعلم أن قد صدقتنا ﴾ في أنّا إِذا صمنا ثلاثين يوماً لم نسأل الله شيئاً إِلا أعطانا.
وفي هذا العلم قولان.
أحدهما : أنه علمٌ يحدث لهما لم يكن، وهو قول مَن قال : كان سؤالهم قبل استحكام معرفتهم.
والثاني : أنه زيادة علم إِلى علم، ويقين إِلى يقين، وهو قول مَن قال : كان سؤالهم بعد معرفتهم.
وقرأ الأعمش :"وتعلم" بالتاء، والمعنى : وتعلم القلوب أن قد صدقتنا.
وفي قوله :﴿ من الشاهدين ﴾ أربعة أقوال.
أحدها : من الشاهدين لله بالقدرة، ولك بالنبّوة.
والثاني : عند بني إِسرائيل إِذا رجعنا إِليهم، وذلك أنهم كانوا مع عيسى في البرِيّة عند هذا السؤال.


الصفحة التالية
Icon