وقوله :﴿ تَكُونُ لَنَا عِيداً ﴾ في محل النصب على أنه صفةٌ لمائدة، واسم تكون ضمير المائدة، وخبرُها إما عيداً و( لنا ) حال منه، أو من ضمير ( تكون ) عند من يجوِّز إعمالَها في الحال، وإما ( لنا )، وعيداً حال من الضمير في لنا، لأنه وقع خبراً فيحمِلُ ضميراً، أو من ضمير ( تكون ) عند من يرى ذلك، أي يكون يومُ نزولها عيداً نعظمه، وإنما أُسند ذلك إلى المائدة لأن شرَفَ اليوم مستعار من شرفها، وقيل : العيدُ السرورُ العائد، ولذلك سمِّيَ يومُ العيد عيداً، وقرىء ( تكن ) بالجزم على جواب الأمر كما في قوله :﴿ فَهَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِى ﴾ خلا أن قراءةَ الجزم هناك متواترة وهاهنا من الشواذ ﴿ لأوَّلِنَا وَءاخِرِنَا ﴾ بدل من ( لنا ) بإعادة العامل، أي عيداً لمتقدمينا ومتأخرينا. رُوي أنها نزلت يوم الأحد، ولذلك اتخذه النصارى عيداً، وقيل : للرؤساء منا والأتباع، وقيل : يأكل منها أولُنا وآخرُنا، وقرىء ( لأُولانا وأُخْرانا ) بمعنى الأمة والطائفة ﴿ وَءايَةٌ ﴾ عطف على عيداً ﴿ مِنكَ ﴾ متعلق بمحذوف وهو صفة لآية، أي كائنةً منك دالةً على كمال قدرتك وصحةِ نبوتي ﴿ وارزقنا ﴾ أي المائدة أو الشكر عليها ﴿ وَأَنتَ خَيْرُ الرازقين ﴾ تذييلٌ جارٍ مَجْرى التعليل، أي خيرُ من يرزق لأنه خالقُ الأرزاق ومعطيها بلا عِوَض، وفي إقباله عليه السلام على الدعاء بتكرير النداء المُنْبىءِ عن كمال الضراعة والابتهال وزيادتِه ما لم يخطُرْ ببال السائلين من الأمور الداعية إلى الإجابة والقَبول دلالةٌ واضحةٌ على أنهم كانوا مؤمنين، وأن سؤالهم كان لتحصيل الطمأنينة، كما في قول إبراهيم عليه السلام. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon