فلعلّ معنى كونها عيداً أنّها صيّرت يوم الفصح عيداً في المسيحية كما كان عيداً في اليهودية، فيكون ذلك قد صار عيداً باختلاف الاعتبار وإن كان اليوم واحداً لأنّ المسيحيين وفّقوا لأعياد اليهود مناسبات أخرى لائقة بالمسيحية إعفاء على آثار اليهودية. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٥ صـ ﴾
قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ قَالَ عِيسَى ابن مَرْيَمَ اللهم رَبَّنَآ ﴾ الأصل عند سيبويه يا الله، والميمان بدل من "يا".
"رَبَّنَا" نداء ثان، لا يجيز سيبويه غيره، ولا يجوز أن يكون نعتا، لأنه قد أشبه الأصوات من أجل ما لحقه.
﴿ أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً ﴾ المائدة الخوان الذي عليه الطعام، قال قُطْرُب : لا تكون المائدة مائدة حتى يكون عليها طعام، فإن لم يكن قيل : خوان، وهي فاعلة من مَادَ عبده إذا أطعمه وأعطاه، فالمائدة تميد ما عليها أي تعطي، ومنه قول رؤبة أنشده الأخفش :
تُهدي رؤوس المترَفين الأنداد...
إلى أمير المؤمنين الممتَاد
أي المستعطَى المسؤول، فالمائدة هي المطعمة والمعطية الآكلين الطعام.
ويسمى الطعام أيضاً مائدة تجوزاً، لأنه يؤكل على المائدة، كقولهم للمطر سماء.
وقال أهل الكوفة : سميت مائدة لحركتها بما عليها، من قولهم : مَادَ الشيء إذا مال وتحرّك، قال الشاعر :
لعلك باكٍ إنْ تَغنّتْ حمامُة...
يَميدُ بها غُصْن من الأيْكِ مائلُ
وقال آخر :
وأقلقني قتلُ الكنانيّ بعده...
فكادَتْ بي الأرضُ الفضاءُ تَميدُ
ومنه قوله تعالى :﴿ وألقى فِي الأرض رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ ﴾ [ النحل : ١٥ ].
وقال أبو عبيدة : مائدة فاعلة بمعنى مفعولة، مثل ﴿ عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ ﴾ [ الحاقة : ٢١ والقارعة : ٧ ] بمعنى مرضية و﴿ مَّآءٍ دَافِقٍ ﴾ [ الطارق : ٧ ] أي مدفوق.
قوله تعالى :﴿ تَكُونُ لَنَا عِيداً ﴾ "تكون" نعت لمائدة وليس بجواب.