السماء ؛ ثم أقبلت حتى دخلت على رسول الله ﷺ فقصت عليه القصة، فخطب رسول الله ﷺ إليها نفسها فقالت : يا رسول الله! لست أرضي نفسي لك ولكن بضعي لك فزوجني من شئت، فزوجها زيداً وأمر لها بثلاثين صاعاً وقال : كلوا ولا تكيلوا، وكان معها عكة سمن هدية لرسول الله ﷺ فقالت لجارية لها : بلغي هذه العكة رسول الله ﷺ، قولي : أم شريك تقرئك السلام، وقولي : هذه عكة سمن أهديناها لك، فانطلقت بها الجارية إلى رسول الله ﷺ فأخذوها ففرغوها، وقال لها رسول الله ﷺ : علقوها ولا توكوها، فعلقوها في مكانها، فدخلت أم شريك فنظرت إليها مملوءة سمناً، فقالت : يا فلانة! أليس أمرتك أن تنطلقي بهذه العكة إلى رسول الله ﷺ ! فقالت : قد والله انطلقت بها كما قلت، ثم أقبلت بها أضربها ما يقطر منها شيء ولكنه قال : علقوها ولا توكوها، فعلقتها في مكانها، وقد أوكتها أم شريك حين رأتها مملوءة فأكلوا منها حتى فنيت، ثم كالوا الشعير فوجدوه ثلاثين صاعاً لم ينقص منه شيء، قال : وروي ذلك من وجه آخر، ولحديثه شاهد صحيح عن جابر رضي الله عنه.
وروي بإسناده عن أبي عمران الجوني أن أم أيمن هاجرت من مكة إلى المدينة وليس معها زاد، فلما كانت عند الروحاء وذلك عند غيبوبة الشمس عطشت عطشاً شديداً، قالت : فسمعت هفيفاً شديداً فوق رأسي، فرفعت رأسي فإذا دلو مدلى من السماء برشاء أبيض، فتناولته بيدي حتى استمسكت به، قالت : فشربت منه حتى رويت، قالت : فلقد أصوم بعد تلك الشربة في اليوم الحار الشديد الحر ثم أطوف في الشمس كي أظمأ فما ظمئت بعد تلك الشربة.
قال : وفي الجهاد عن البخاري عن أبي هريرة قال :" بعث رسول الله ﷺ عشرة رهط سرية عيناً، وأمَّر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري جد عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم - فذكر الحديث حتى قال : فابتاع خبيباً - يعني ابن عدي الأنصاري - بنو الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف، وكان خبيب قد قتل الحارث بن عامر يوم بدر، فلبث خبيب عندهم أسيراً، فأخبرني عبيد الله بن عياض أن ابنة الحارث قالت : والله ما رأيت أسيراً قط خيراً من خبيب، والله لقد وجدته يوماً يأكل من قطف عنب في يده وإنه لموثق في الحديد وما بمكة من ثمر، وكانت تقول : إنه لرزق من الله رزق خبيباً " الحديث. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٥٧١ ـ ٥٧٣﴾


الصفحة التالية
Icon