قوله سبحانه :﴿ يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرسل ﴾ قيل ظرف لقوله عز وجل :﴿ لاَّ يَهِدِّى ﴾ [ المائدة : ١٠٨ ]، ونظر فيه الحلبي من حيث إنه سبحانه لا يهديهم مطلقاً لا في ذلك اليوم ولا في الدنيا وهذا احتمال ذكره الزمخشري، ونقل عن المغربي أيضاً وهو ظاهر على تقدير أن يكون المراد لا يهديهم إلى طريق الجنة، وفيه مراعاة لمذهب الاعتزال من نفي الهداية المطلقة لا يجوز على الله جل وعلا ولذلك خصص المهدي إليه، وقيل : إنه بدل من مفعول ﴿ واتقوا ﴾ [ المائدة : ١٠٨ ] فهو حينئذ مفعول لا ظرف.
وتعقبه أبو حيان بأن فيه بعداً لطول الفصل بالجملتين، وقال الحلبي : لا بعد فإن هاتين الجملتين من تمام معنى الجملة الأولى وهو عند القائلين بالبدلية بدل اشتمال.
وتعقب ذلك العلم العراقي بأن الانصاف أن بدل الاشتمال ههنا ممتنع لأنه لا بد فيه من اشتمال البدل على المبدل منه أو بالعكس وهنا يستحيل ذلك ولهذا قال الحلبي : لا بد في هذا الوجه من تقدير مضاف ليصح.
والمراد اتقوا عقاب الله يوم وحينئذ يصح انتصاب اليوم على الظرفية، وقال المحقق التفتازاني : وجه بدل الاشتمال ما بينهما من الملابسة بغير الكلية والبعضية بطريق اشتمال المبدل منه على البدل لا كاشتمال الظرف على المظروف بل بمعنى أن ينتقل الذهن إليه في الجملة ويقتضيه بوجه إجمالي مثلاً إذا قيل اتقوا الله يتبادر الذهن منه إلى أنه من أي أمر من أموره وأي يوم من أيام أفعاله يجب الاتقاء أيوم جمعه سبحانه للرسل أم غير ذلك، واعترض بأنه اشترط في ذلك أن لا يكون ظرفية وهذا ظرف زمان لو أبدل منه لأوهم ذلك، وقيل : إنه منصوب بمضمر معطوف على ﴿ اتقوا ﴾ الخ واحذروا أو واذكروا يوم الخ فإن تذكير ذلك اليوم الهائل مما يضطرهم إلى تقوى الله تعالى وتلقي أمره بسمع الإجابة، وقيل : منصوب بقوله سبحانه :﴿ واسمعوا ﴾ [ المائدة : ١٠٨ ] بحذف مضاف أي واسمعوا خبر ذلك اليوم.


الصفحة التالية
Icon