قال تعالى :﴿ شرع لكم من الدين ما وصّى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصّينا به إبراهيم وموسى وعيسى ﴾ [ الشورى : ١٣ ].
وقد سمّاهم الله تعالى شهداء في قوله :﴿ فكيف إذا جئنا من كلّ أمّة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً ﴾ [ النساء : ٤١ ].
فقوله :﴿ يوم يجمع ﴾ ظرف، والأظهر أنه معمول لعاملٍ محذوف يقدّر بنحو : اذكر يوم يجمع الله الرسل، أو يقدّر له عامل يكون بمنزلة الجواب للظرف، لأنّ الظرف إذا تقدّم يعامل معاملة الشرط في إعطائه جواباً.
وقد حذف هذا العامل لتذهب نفس السامع كلّ مذهب ممكن من التهويل، تقديره يوم يجمع الله الرسل يكون هول عظيم لا يبلغه طُولُ التعبير فينبغي طيّه.
ويجوز أن يكون متعلّقاً بفعل ﴿ قالوا لا علم لنا...
﴾ الخ، أي أنّ ذلك الفعل هو المقصود من الجملة المستأنفة.
وأصل نظم الكلام : يجمع الله الرسل يوم القيامة فيقول الخ.
فغيّر نظم الكلام إلى الأسلوب الذي وقع في الآية للاهتمام بالخبر، فيفتتح بهذا الظرف المهول وليوردَ الاستشهاد في صورة المقاولة بين الله والرسل.
والمقصود من الكلام هو ما يأتي بقوله :﴿ وإذ قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس ﴾[ المائدة : ١١٦ ] وما بينهما اعتراض.
ومن البعيد أن يكون الظرف متعلّقاً بقوله :﴿ لا يهدي القوم الفاسقين ﴾ [ المائدة : ١٠٨ ] لأنّه لا جدوى في نفي الهداية في يوم القيامة، ولأنّ جزالة الكلام تناسب استئنافه، ولأنّ تعلّقه به غير واسع المعنى.
ومثله قول الزجّاج : إنّه متعلّق بقوله :﴿ واتّقوا الله ﴾ [ المائدة : ١٠٨ ] على أنّ ﴿ يوم ﴾ مفعول لأجله، وقيل : بدل اشتمال من اسم الجلالة في قوله :﴿ واتّقوا الله ﴾ [ المائدة : ١٠٨ ] لأنّ جمع الرسل ممّا يشمل عليه شأن الله، فالاستفهام في قوله :﴿ ماذا أجبتم ﴾ مستعمل في الاستشهاد.
ينتقل منه إلى لازمه، وهو توبيخ الذين كذّبوا الرسل في حياتهم أو بدّلوا وارتدّوا بعد مماتهم.