العاشر : قال شهاب الدين : يجوز أن تكونَ المسألة من باب الإعْمَال ؛ فإنَّ كُلاًّ من هذه العوامِلِ الثلاثةِ المتقدِّمة يَصِحُّ تسلُّطُه عليه ؛ بدليل أنَّ العلماء جَوَّزوا فيه ذلك، وتكون المسألةُ مِمَّا تنازع فيها ثلاثةُ عوامل، وهي " اتَّقُوا "، و" اسْمَعُوا "، و" لا يَهْدِي "، ويكونُ من إعمال الأخير ؛ لأنه قد حُذِفَ من الأوَّلِينَ ولا مانعَ يمنع من الصناعة، وأمَّا المعنى فقد قَدَّمْتُ أنه لا يظهرُ نصْبُ " يَوْمَ " بشيء [ من الثلاثة ] ؛ لأنَّ المعنى يأباه، وإنما أجَزْتُ ذلك ؛ جَرْياً على ما قالوه وجَوَّزوه، وكذا الحُوفِيُّ جَوَّز أن ينتصب بـ " اتَّقُوا " وب " اسْمَعُوا " أو بـ " لاَ يَهْدِي "، وكذا الحُوفِيُّ جَوَّز أن ينتصب بـ " اتَّقُوا " وب " اسْمَعُوا ".
الحادي عشر : أنه منصوبٌ بـ " قَالُوا : لا عِلْمَ لَنَا " أي : قال الرسُلُ يوم جمْعِهِمْ، وقول الله لهم ماذ أجِبْتُمْ، واختاره أبو حيان على جميع ما تقدَّم، قال : وهو نظيرُ ما قلناه في قوله تعالى :﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرض خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ ﴾ [ البقرة : ٣٠ ]، وهو وجه حسنٌ.
قوله :" مَاذَا أجِبْتُمْ " فيه أربعةُ أقوال :
أحدها : أنَّ " مَاذَا " بمنزلةِ اسمٍ واحدٍ، فغلب فيه جانبُ الاستفهام، ومحلُّه النصبُ على المصدرِ بما بعده، والتقديرُ : أيَّ إجابةٍ أجِبْتُم [ قال الزمخشريُّ :" مَاذَا أجِبْتُمْ " منتصبٌ انتصابَ مصدره على معنى : أيَّ إجابةٍ أجِبْتُمْ ]، ولو أُريدَ الجوابُ، لقيل : بمَاذا أُجِبْتُمْ "، أي : لو أُريدَ الكلامُ المجابُ، لقيل : بماذا، ومِنْ مجيء " مَاذَا " كلِّه مصدراً قوله :[ البسيط ]
٢٠٧٥ - مَاذَا يَغِيرُ ابنَتَيْ رَبْعٍ عَوِيلُهُمَا...
لاتَرْقُدانِ وَلاَ بُؤسَى لِمَنْ رَقَدَا