وهذا مبني على تفسير الكهل بمن وخطه الشيب ورأيت له بجالة أو من جاوز أربعاً وثلاثين سنة إلى إحدى وخمسين وعيسى عليه الصلاة والسلام رفع وهو ابن ثلاث وثلاثين قيل وثلاثة أشهر وثلاثة أيام.
وقيل : رفع وهو ابن أربع وثلاثين وما صح أنه عليه الصلاة والسلام وخطه الشيب، وأما لو فسر بمن جاوز الثلاثين فلا يتأتى هذا القول كما لا يخفى.
وقال بعض : الأولى أن يجعل ﴿ وَكَهْلاً ﴾ تشبيهاً بليغاً أي تكلمهم كائناً في المهد وكائناً كالكهل.
وأنت تعلم أن أخذ التشبيه من العطف لا وجه له وتقدير الكاف تكلف.
﴿ وَإِذْ عَلَّمْتُكَ ﴾ عطف على ﴿ إِذْ أَيَّدتُّكَ ﴾ أي واذكر نعمتي عليكما وقت تعليمي لك من غير معلم ﴿ الكتاب والحكمة ﴾ أي جنسهما، وقيل : الكتاب الخط والحكمة الكلام المحكم الصواب ﴿ والتوراة والإنجيل ﴾ خصا بالذكر إظهاراً لشرفهما على الأول. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
والمراد من ﴿ اذكر نعمتي ﴾ الذُّكر بضمّ الذال وهو استحضار الأمر في الذهن.
والأمر في قوله ﴿ اذكر ﴾ للامتنان، إذ ليس عيسى بناس لنعم الله عليه وعلى والدته.
ومن لازمه خزي اليهود الذين زعموا أنّه ساحر مفسد إذ ليس السحر والفساد بنعمة يعدّها الله على عبده.
ووجه ذكر والدته هنا الزيادة من تبكيت اليهود وكمدهم لأنّهم تنقّصوها بأقذع ممّا تنقّصوه.
والظرف في قوله ﴿ إذْ أيّدتك بروح القدس ﴾ متعلّق بـ ﴿ نعمتي ﴾ لما فيها من معنى المصدر، أي النعمة الحاصلة في ذلك الوقت، وهو وقت التأييد بروح القدس.
وروح القدس هنا جبريل على الأظهر.
والتأييد وروح القدس تقدّماً في سورة البقرة ( ٨٧ ) عند قوله :﴿ وآتينا عيسى ابن مريم البيِّنات وأيّدناه بروح القدس ﴾