قوله عز وجل :﴿ إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك ﴾
يحتمل أن يكون العامل في ﴿ إذ ﴾ فعلالً مضمراً تقديره اذكر يا محمد إذ جئتهم بالبينات و﴿ قال ﴾ هنا بمعنى يقول، لأن ظاهر هذا القول أنه في القيامة تقدمه لقوله أنت قلت للناس، وذلك كله أحكام لتوبيخ الذين يتحصلون كافرين بالله في ادعائهم ألوهية عيسى، ويحتمل أن تكون ﴿ إذ ﴾ بدلاً من قوله ﴿ يوم يجمع الله ﴾ [ المائدة : ١٠٩ ] ونعمة الله على عيسى هي بالنبوءة وسائر ما ذكر وما علم مما لا يحصى، وعددت عليه النعمة على أن أمه إذ هي نعمة صائرة إليه وبسببه كانت، وقرأ جمهور الناس " أيّدتك " بتشديد الياء، وقرأ مجاهد وابن محيصن " آيدتك " على وزن فاعلتك ويظهر أن الأصل في القراءتين " أيدتك " على وزن أفعلتك، ثم اختلف الإعلال، والمعنى فيهما قويتك من الأيد، وقال عبد المطلب :
الحمد لله الأعز الأكرم... أيدنا يوم زحوف الأشرم
و" روح القدس " هو جبريل عليه السلام، وقوله ﴿ في المهد ﴾ حال كأنه قال صغيراً ﴿ وكهلاً ﴾ حال أيضاً معطوفة على الأول. ومثله قوله تعالى :﴿ دعانا لجنبه أو قاعداً أو قائماً ﴾ [ يونس : ١٢ ] والكهولة من الأربعين إلى الخمسين. وقيل هي من ثلاثة وثلاثين، و﴿ الكتاب ﴾ في هذه الآية : مصدر كتب يكتب أي علمتك الخط. ويحتمل أن يريد اسم جنس في صحف إبراهيم وغير ذلك. ثم خص بعد ذلك التوراة ﴿ والإنجيل ﴾ بالذكر تشريفاً، و﴿ الحكمة ﴾ : هي الفهم والإدراك في أمور الشرع، وقد وهب الله الأنبياء منها ما هم به مختصون معصومون لا ينطقون عن هوى. قوله تعالى :﴿ وإذ ﴾ في هذه الآية حيث ما تكررت فهي عطف على الأولى التي عملت فيها نعمتي، و﴿ تخلق ﴾ معناه : تقدر وتهيىء تقديره مستوياً، ومنه قول الشاعر :
ولأنت تفري ما خلقت وبع... ض القوم يخلق ثم لا يفري
أي يهيىء ويقدر ليعمل ويكمل ثم لا يفعل، ومنه قول الآخر :
من كان يخلق ما يقو... ل فحيلتي فيه قليله


الصفحة التالية
Icon