قال القاضي أبو محمد : ولا يصح عود هذا الضمير لا على الطير ولا على الطين ولا على الهيئة لأن الطين والطائر الذين يجيء على الطين على هيئة لا نفخ فيه البتة، وكذلك لا نفخ في هيئته الخاصة بجسده النفخ في الصور المخصوصة منه التي رتبتها يد عيسى عليه السلام، فالوجه أن يقال في عود الضمير المؤنث إنه عائد على ما تقتضيه الآية ضرورة، وذلك أن قوله ﴿ وإذ تخلق من الطين كهئية الطير ﴾ يقتضي صوراً أو أجساماً أو أشكالاً، وكذلك الضمير المذكر يعود على المخلوق الذي يقتضيه ﴿ تخلق ﴾، ولك أن تعيده على ما تدل عليه الكاف في معنى المثل لأن المعنى وإذ تخلق من الطين مثل هيئة، ولك أن تعيد الضمير على الكاف نفسه فيمن يجوِّز أن يكون اسماً في غير الشعر، وتكون الكاف في موضع نصب صفة للمصدر المراد تقديره وإذا تخلق خلقاً من الطين كهيئة الطير وقرأ عبد الله بن عباس كهيئة الطير فتنفخها فيكون وقرأ الجمهور " فتكون " بالتاء من فوق وقرأ عيسى بن عمر فيها " فيكون " بالياء من تحت، وقرأ نافع وحده " فتكون طائراً " وقرأ الباقون " طيراً " بغير ألف والقراءتان مستفيضتان في الناس.