يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَسِيحَ لَمْ يُعْطَ هَذِهِ الْقُوَّةَ دَائِمًا بِحَيْثُ جُعِلَ السَّبَبُ الرُّوحِيُّ فِيهَا كَالْأَسْبَابِ الْجُسْمَانِيَّةِ الْمُطَّرِدَةِ، بَلْ كَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ كَغَيْرِهَا لَا تَقَعُ إِلَّا بِإِذْنٍ مِنَ اللهِ وَتَأْيِيدٍ مِنْ لَدُنْهِ، وَنُكْتَةُ التَّعْبِيرِ بِالْمُضَارِعِ عَنْ فِعْلٍ مَضَى هِيَ تَصْوِيرُ ذَلِكَ الْمَاضِي وَتَمْثِيلُهُ حَاضِرًا فِي الذِّهْنِ كَأَنَّهُ حَاضِرٌ فِي الْخَارِجِ، لَا لِإِفَادَةِ الِاسْتِمْرَارِ، فَإِنَّهُ فِعْلٌ مَضَى وَالْكَلَامُ تَذْكِيرٌ بِهِ كَمَا وَقَعَ إِذْ وَقَعَ.
(وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي) عَطَفَ التَّذْكِيرَ بِإِبْرَاءِ الْأَكْمَهِ وَالْأَبْرَصِ عَلَى مَا قَبْلَهُ مُبَاشَرَةً فَلَمْ يَبْدَأْ بِإِذْ، وَبُدِئَ بِهَا لِلتَّذْكِيرِ بِإِخْرَاجِ الْمَوْتَى، فَكَانَ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ :(إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ) وَلَعَلَّ نُكْتَةَ ذَلِكَ أَنَّ إِبْرَاءَ الْأَكْمَهِ وَالْأَبْرَصِ مِنْ جِنْسِ


الصفحة التالية
Icon