قوله تعالى :﴿ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ﴾ خرّج الترمذي عن أبي هُريرة قال : تَلَقَّى عيسى حجَّته وَلقَّاهْ الَّلَهُ في قوله :﴿ وَإِذْ قَالَ الله ياعيسى ابن مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتخذوني وَأُمِّيَ إلهين مِن دُونِ الله ﴾ قال أبو هُريرة عن النبي ﷺ :" "فَلَقّاه الله" ﴿ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ﴾ الآية كلها " قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح.
وبدأ بالتسبيح قبل الجواب لأمرين أحدهما تنزيهاً له عما أضيف إليه.
الثاني خضوعاً لعزته، وخوفاً من سَطْوته.
ويقال : إن الله تعالى لما قال لعيسى :﴿ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتخذوني وَأُمِّيَ إلهين مِن دُونِ الله ﴾ أخذته الرّعدة من ذلك القول حتى سمع صوت عظامه في نفسه فقال :﴿ سُبْحَانَكَ ﴾ ثم قال :﴿ مَا يَكُونُ لي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ﴾ أي أن أدّعي لنفسي ما ليس من حقها، يعني أنني مربوب ولست برب، وعابد ولست بمعبود.
ثم قال :﴿ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ﴾ فردّ ذلك إلى علمه، وقد كان الله عالماً به أنه لم يقله، ولكنه سأله عنه تقريعاً لمن اتخذ عيسى إلها. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾