وقيل : الضمير في تعذبهم عائد على من مات كافراً وفي ﴿ وإن تغفر لهم ﴾ عائد على من تاب منهم قبل الموت.
وقيل : قال ذلك على وجه الاستعطاف لهم والرأفة بهم، مع علمه بأن الكفار لا يغفر لهم ولهذا لم يقل لأنهم عصوك؟ انتهى وهذا فيه بعد لأن الاستعطاف لا يحسن إلا لمن يرجى له العفو والتخفيف، والكفار لا يرجى لهم ذلك والذي أختاره من هذه الأقوال أن قوله تعالى ﴿ وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس ﴾ قول قد صدر، ومعنى يعطفه على ما صدر ومضى، ومجيئه بإذ التي هي ظرف لما مضى ويقال التي هي حقيقة في الماضي فجميع ما جاء في هذه الآيات من إذ قال هو محمول على أصل وضعه، وإذا كان كذلك فقول عيسى ﴿ وإن تغفر لهم ﴾ فعبر بالسبب عن المسبب لأنه معلوم أن الغفران مرتب على التوبة وإذا كان هذا القول في غير وقت الآخرة، كانوا في معرض أن يرد فيهم التعذيب أو المغفرة الناشئة عن التوبة، وظاهر قوله ﴿ فإنك أنت العزيز الحكيم ﴾ إنه جواب الشرط والمعنى فإنك أنت العزيز الذي لا يمتنع عليك ما تريده، الحكيم فيما تفعله تضل من تشاء وتهدي من تشاء، وقرأت جماعة فإنك أنت الغفور الرحيم على ما يقتضيه قوله ﴿ وإن تغفر لهم ﴾ قال عياض بن موسى : وليست من المصحف.
وقال أبو بكر بن الأنباري : وقد طعن على القرآن من قال : إن قوله :﴿ فإنك أنت العزيز الحكيم ﴾ لا يناسب قوله ﴿ وإن تغفر لهم ﴾ لأن المناسب فإنك أنت الغفور الرحيم.