فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَقَامَ التَّفْوِيضِ غَيْرُ مَقَامِ الشَّفَاعَةِ وَأَنَّ الشَّفَاعَةَ لَا تَنَالُ أَحَدًا يُشْرِكُ بِاللهِ تَعَالَى شَيْئًا، وِفَاقًا لِمَا جَاءَ بِهِ الْوَحْيُ عَلَى لِسَانِ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، وَعَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي آيَتَيْنِ مِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ، وَوِفَاقًا لِلْآيَاتِ الَّتِي تَنْفِي الشَّفَاعَةَ فِي الْآخِرَةِ بِإِطْلَاقٍ أَوْ تَنْفِي قَبُولَهَا، أَوْ تُقَيِّدُهَا عَلَى تَقْدِيرِ حُصُولِهَا بِمِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :(وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) (٢١ : ٢٨).
بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَفْوِيضِ عِيسَى أَمْرَ قَوْمِهِ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِتِلْكَ الْعِبَارَةِ الْبَلِيغَةِ، فِي إِثْرِ تِلْكَ الْأَجْوِبَةِ السَّدِيدَةِ، تَتَوَجَّهُ النَّفْسُ إِلَى مَعْرِفَةِ مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الْعَظِيمِ، وَتَسْأَلُ عَنْهُ بِلِسَانِ الْحَالِ أَوِ الْمَقَالِ إِنْ لَمْ تَسْمَعْهُ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ :
(قَالَ اللهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ). أ هـ ﴿تفسير المنار حـ ٧ صـ ٢١٨ ـ ٢٢٨﴾


الصفحة التالية
Icon