أحدهما : شاهداً لما حضر وغاب.
والثاني : شاهداً على من عصى، وأطاع. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٢ صـ ﴾
وقال الفخر :
﴿مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِى بِهِ أَنِ اعبدوا الله رَبّى وَرَبَّكُمْ﴾ أن مفسرة والمفسر هو الهاء في به الراجع إلى القول المأمور به والمعنى ما قلت لهم إلا قولاً أمرتني به وذلك القول هو أن أقول لهم : اعبدوا الله ربي وربكم.
واعلم أنه كان الأصل أن يقال : ما أمرتهم إلا بما أمرتني به إلا أنه وضع القول موضع الأمر، نزولاً على موجب الأدب الحسن، لئلا يجعل نفسه وربه أمرين معاً، ودلّ على الأصل بذكر أن المفسرة.
ثم قال تعالى :﴿وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ﴾ أي كنت أشهد على ما يفعلون ما دمت مقيماً فيهم.
﴿فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى﴾ والمراد منه، وفاة الرفع إلى السماء، من قوله ﴿إِنّي مُتَوَفّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَىَّ﴾ [ آل عمران : ٥٥ ].
﴿كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ﴾ قال الزجاج : الحافظ عليهم المراقب لأحوالهم.
﴿وَأَنتَ على كُلّ شَىْء شَهِيدٌ﴾ يعني أنت الشهيد لي حين كنت فيهم وأنت الشهيد عليهم بعد مفارقتي لهم، فالشهيد الشاهد ويجوز حمله على الرؤية، ويجوز حمله على العلم، ويجوز حمله على الكلام بمعنى الشهادة فالشهيد من أسماء الصفات الحقيقية على جميع التقديرات. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١١٢ ـ ١١٣﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَآ أَمَرْتَنِي بِهِ ﴾ يعني في الدنيا بالتوحيد.
﴿ أَنِ اعبدوا الله ﴾ "أَنْ" لا موضع لها من الإعراب وهي مفسرة مثل ﴿ وانطلق الملأ مِنْهُمْ أَنِ امشوا ﴾ [ ص : ٦ ] ويجوز أن تكون في موضع نصب ؛ أي ما ذكرت لهم إلا عبادة الله.
ويجوز أن تكون في موضع خفض ؛ أي بأن اعبدوا الله ؛ وضم النون أولى ؛ لأنهم يستثقلون كسرة بعدها ضمة، والكسر جائز على أصل التقاء الساكنين.