لَمَّا كَانَ مَا ذُكِرَ كَمَا ذَكَرَ نَاسَبَ أَنْ نَخْتِمَ هَذِهِ السُّورَةَ بِبَيَانِ كَوْنِ الْمُلْكِ كُلِّهِ وَالْقُدْرَةِ كُلِّهَا لِلَّهِ وَحْدَهُ وَأَنَّ مُلْكَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ لِلَّهِ وَحْدَهُ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ الظَّرْفِ وَهُوَ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ وَقَدِ اخْتِيرَتْ كَلِمَةُ " مَا " فِي قَوْلِهِ " وَمَا فِيهِنَّ " عَلَى " مَنْ " الْخَاصَّةِ بِمَنْ يَعْقِلُ، وَهُوَ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَمْلِكَ; لِأَنَّ مَدْلُولَهَا أَعَمُّ وَأَشْمَلُ، وَلِلْإِشَارَةِ
إِلَى أَنَّ يَوْمَ الْجَزَاءِ الْحَقِّ يَسْتَوِي فِيهِ مَنْ يَعْقِلُ وَمَنْ لَا يَعْقِلُ، فَلَا يَمْلِكُ مَعَهُ أَحَدٌ شَيْئًا، لَا حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْمَسِيحُ
وَأَمُّهُ اللَّذَانِ عُبِدَا مِنْ دُونِ اللهِ، فَيَتَضَمَّنُ الْحَصْرُ التَّعْرِيضَ بِعِبَادَتِهِمَا، وَبِالِاتِّكَالِ عَلَى شَفَاعَتِهِمَا، إِذِ الْمُلْكُ وَالْقُدْرَةُ لِلَّهِ وَحْدَهُ (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) (٢ : ٢٥٥) وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُمَا مِنْ عِبَادِ اللهِ الْمُكْرَمِينَ (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) (٢١ : ٢٦ ٢٩). صَدَقَ اللهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.
خُلَاصَةُ سُورَةِ الْمَائِدَةِ


الصفحة التالية