ومعنى نفع الصدق صاحبه في ذلك اليوم أنّ ذلك اليوم يوم الحقّ فالصادق ينتفع فيه بصدقه، لأنّ الصدق حسن فلا يكون له في الحقّ إلاّ الأثر الحسن، بخلاف الحال في عالم الدنيا عالم حصول الحقّ والباطل فإنّ الحقّ قد يجرّ ضرّاً لصاحبه بتحريف الناس للحقائق، أو بمؤاخذته على ما أخبر به بحيث لو لم يخبر به لما اطّلع عليه أحد.
وأمّا ما يترتّب عليه من الثواب في الآخرة فذلك من النفع الحاصل في يوم القيامة.
وقد ابتلي كعب بن مالك رضي الله عنه في الصدق ثم رأى حُسن مغبَّته في الدنيا.
ومعنى نفع الصدق أنّه إن كان الخبر عن أمر حسن ارتكبه المخبر فالصدق حسن والمخبَر عنه حسن فيكون نفعاً محضاً وعليه جزاءان، كما في قول عيسى :﴿ سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحقّ ﴾ [ المائدة : ١١٦ ] إلى آخره، وإن كان الخبر عن أمر قبيح فإنّ الصدق لا يزيد المخبر عنه قبحاً لأنّه قد حصل قبيحاً سواء أخبر عنه أم لم يخبر، وكان لقبحه مستحقّاً أثراً قبيحاً مثله.
وينفع الصدق صاحبه مرتكب ذلك القبيح فيناله جزاء الصدق فيخفّ عنه بعض العقاب بما ازداد من وسائل الإحسان إليه. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٥ صـ ﴾
فائدة
قال الثعالبى:
﴿ قَالَ الله هذا يَوْمُ يَنفَعُ الصادقين صِدْقُهُمْ ﴾ دخل تحت هذه العِبَارَةِ كل مؤمن باللَّه سبحانه، وكُلُّ ما كان أتقى، فهو أَدْخَلُ في العبارة، وجاءت هذه العبارة مُشِيرَةً إلى عيسى عليه السلام في حاله، وصدْقه ؛ فيحصل له بذلك في المَوْقِفِ شَرَفٌ عظيم، وإن كان اللفظ يعمه وسواه. أ هـ ﴿الجواهر الحسان حـ ١ صـ ﴾