فصل نفيس فى منزلة الرضى للإمام ابن القيم
قال عليه الرحمة :
ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين منزلة الرضى
وقد أجمع العلماء على أنه مستحب مؤكد استحبابه واختلفوا في وجوبه على قولين وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يحكيهما على قولين لأصحاب أحمد وكان يذهب إلى القول باستحبابه قال: ولم يجىء الأمر به كما جاء الأمر بالصبر وإنما جاء الثناء على أصحابه ومدحهم
قال: وأما ما يروي من الأثر: من لم يصير على بلائي ولم يرض بقضائي فليتخذ ربا سوائي فهذا أثر إسرائيلي ليس يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم
قلت: ولا سيما عند من يرى أنه من جملة الأحوال التي ليست بمكتسبة بل هو موهبة محضة فكيف يؤمر به وليس مقدورا عليه وهذه مسألة اختلف فيها أرباب السلوك على ثلاث طرق فالخراسانيون قالوا: الرضى من جملة المقامات وهو نهاية التوكل فعلى هذا: يمكن أن يتوصل إليه العبد باكتسابه والعراقيون قالوا: هو من جملة الأحوال وليس كسبيا للعبد بل هو نازلة تحل بالقلب كسائر الأحوال والفرق بين المقامات والأحوال: أن المقامات عندهم من المكاسب والأحوال مجرد المواهب
وحكمت فرقة ثالثة بين الطائفتين منهم القشيري صاحب الرسالة وغيره فقالوا: يمكن الجمع بينهما بأن يقال: بداية الرضى مكتسبة للعبد وهي من جملة المقامات ونهايته من جملة الأحوال وليست مكتسبة فأوله مقام ونهايته حال