قال الله تعالى: ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾ [ الفجر: ٢٧٣٠ ] لم يدع في هذه الآية للمتسخط إليه سبيلا وشرط القاصد الدخول في الرضى والرضى اسم للوقوف الصادق حيثما وقف العبد لا يلتمس متقدما ولا متأخرا ولا يستزيد مزيدا ولا يستبدل حالا وهو من أوائل مسالك أهل الخصوص وأشقها على العامة أما قوله: لم يدع في هذه الآية للمتسخط إليه سبيلا فلأنه قيد رجوعها إليه سبحانه بحال وهو وصف الرضى فلا سبيل إلى الرجوع إليه مع سلب ذلك الوصف عنها وهذا نظير قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [ النحل: ٣٢ ] فإنما أوجب لهم هذا السلام من الملائكة والبشارة بقيد وهو وفاتهم طيبين فلم تبق الآية لغير الطيب سبيلا إلى هذه البشارة والحاصل: أن الدخول في الرضى شرط في رجوع النفس إلى ربها فلا ترجع إليه إلا إذا كانت راضية قلت: هذا تعلق بإشارة الآية لا بالمراد منها فإن المراد منها: رضاها بما حصل لها من كرامته وبما نالته عند الرجوع إليه فحصل لها رضاها والرضى عنها وهذا يقال لها عند خروجها من دار الدنيا وقدومها على الله
قال عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما: إذا توفى العبد المؤمن أرسل الله إليه ملكين وأرسل إليه بتحفة من الجنة فيقال: اخرجي أيتها النفس المطمئنة اخرجي إلى روح وريحان ورب عنك راض وفي وقت هذه المقالة ثلاثة أقوال للسلف
أحدها: أنه عند الموت وهو الأشهر قال الحسن: إذا أراد قبضها اطمأنت إلى ربها ورضيت عن الله فيرضى الله عنها


الصفحة التالية
Icon