إليه ووصولها وأعلم بمن لا يصلح لذلك ولا يستأهله وأحكم من أن يمنعها أهلها وأن يضعها عند غير أهلها فلو قدر عدم الأسباب المكروهة البغيضة له لتعطلت هذه الآثار ولم تظهر لخلقه ولفاتت الحكم والمصالح المترتبة عليها وفواتها شر من حصول تلك الأسباب فلو عطلت تلك الأسباب لما فيها من الشر لتعطل الخير الذي هو أعظم من الشر الذي في تلك الأسباب وهذا كالشمس والمطر والرياح التي فيها من المصالح ما هو أضعاف أضعاف ما يحصل بها من الشر والضرر فلو قدر تعطيلها لئلا يحصل منها ذلك الشر الجزئي لتعطل من الخير ما هو أعظم من ذلك الشر بما لا نسبة بينه وبينه
فصل ومنها: حصول العبودية المتنوعة التي لولا خلق إبليس لما حصلت
ولكان الحاصل بعضها لا كلها فإن عبودية الجهاد من أحب أنواع العبودية إليه سبحانه ولو كان الناس كلهم مؤمنين لتعطلت هذه العبودية وتوابعها: من الموالاة فيه سبحانه والمعاداة فيه والحب فيه والبغض فيه وبذل النفس له في محاربة عدوه وعبودية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعبودية الصبر ومخالفة الهوى وإيثار محاب الرب على محاب النفس
ومنها: عبودية التوبة والرجوع إليه واستغفاره فإنه سبحانه يحب التوابين ويحب توبتهم فلو عطلت الأسباب التي يتاب منها لتعطلت عبودية التوبة والاستغفار منها ومنها: عبودية مخالفة عدوه ومراغمته في الله وإغاظته فيه وهي من أحبر
أنواع العبودية إليه فإنه سبحانه يحب من وليه أن يغيظ عدوه ويراغمه ويسوءه وهذه عبودية لا يتفطن لها إلا الأكياس ومنها: أن يتعبد له بالاستعاذة من عدوه وسؤاله أن يجيره منه ويعصمه من كيده وأذاه ومنها: أن عبيده يشتد خوفهم وحذرهم إذا رأوا ما حل بعدوه بمخالفته وسقوطه من المرتبة الملكية إلى المرتبة الشيطانية فلا يخلدون إلى غرور الأمل بعد ذلك