فوقوع الذنب منه لا يتأتى في هذه الحال ألبتة فإن عليه حصنا حصينا من: فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي فلا يتصور منه الذنب في هذه الحال فإذا حجب عن هذا المشهد وسقط إلى وجوده الطبيعي وبقي بنفسه: استولى عليه حكم النفس والطبع والهوى وهذا الوجود الطبيعي قد نصبت فيه الشباك والأشراك وأرسلت عليه الصيادون فلابد أن يقع في شبكة من تلك الشباك وشرك من تلك الأشراك وهذا الوجود هو حجاب بينه وبين ربه فعند ذلك يقع الحجاب ويقوى المقتضى ويضعف المانع وتشتد الظلمة وتضعف القوى فأنى له بالخلاص من تلك الأشراك والشباك فإذا انقشع ضباب ذلك الوجود الطبيعي وانجاب ظلامه وزال قتامه وصرت بربك ذاهبا عن نفسك وطبعك
بدا لك سر طال عنك اكتتامه | ولاح صباح كنت أنت ظلامه |
فإن غبت عنه حل فيه وطنبت | على منكب الكشف المصون خيامه |
فأنت حجاب القلب عن سر غيبه | ولولاك لم يطبع عليه ختامه |
وجاء حديث لا يمل سماعه | شهي إلينا نثره ونظامه |
إذا ذكرته النفس زال عناؤها | وزال عن القلب المعنى قتامه |
وإذا عرف هذا فالتوبة والندم يكونان في هذا الوجود الذي هو فيه بربه وذلك لا ينافي مشهد الحكمة والقيومية بل يجامعه ويستمد منه وبالله التوفيق
قوله: ويصح بثلاثة شرائط باستواء الحالات عند العبد وسقوط الخصومة مع الخلق والخلاص من المسألة والإلحاح
يعني: أن الرضى عن الله إنما يتحقق بهذه الأمور الثلاثة فإن الراضي الموافق تستوي عنده الحالات من النعمة والبلية في رضاه بحسن اختيار الله له وليس المراد استواؤها عنده في ملاءمته ومنافرته فإن هذا خلاف الطبع البشري بل خلاف الطبع الحيواني