والثاني : صدقهم فيما شهدوا به على أنفسهم عن أعمالهم، ويكون وجه النفع فيه أن يكفوا المؤاخذة بتركهم كتم الشهادة، فيغفر لهم بإقرارهم لأنبيائهم وعلى أنفسهم.
وهل هم مصروفون عنه قبل موقف العرض؟ على قولين.
والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٢ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ قَالَ الله هذا يَوْمُ يَنفَعُ الصادقين صِدْقُهُمْ ﴾ أي صدقهم في الدنيا فأما في الآخرة فلا ينفع فيها الصدق، وصدقهم في الدنيا يحتمل أن يكون صدقهم في العمل لله، ويحتمل أن يكون تركهم الكذب عليه وعلى رسله، وإنما ينفعهم الصدق في ذلك اليوم وإن كان نافعاً في كل الأيام لوقوع الجزاء فيه.
وقيل : المراد صدقهم في الآخرة وذلك في الشهادة لأنبيائهم بالبلاغ، وفيما شهدوا به على أنفسهم من أعمالهم ويكون وجه النفع فيه أن يُكفوَا المؤاخذة بتركهم كتم الشهادة، فيغفر لهم بإقرارهم لأنبيائهم وعلى أنفسهم. والله أعلم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾
وقال الخازن :
قوله عز وجل :﴿ قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم ﴾ اتفق جمهور العلماء على أن المراد بهذا اليوم يوم القيامة والمعنى أن صدقهم في الدنيا ينفعهم في الآخرة لأنه يوم الإثابة والجزاء وما تقدم من صدقهم في الدنيا يتبين نفعه يوم القيامة والمراد بالصادقين النبيون والمؤمنون لأن الكفار لا ينفعهم صدقهم يوم القيامة.
قال قتادة : متكلمان لا يخطئان يوم القيامة عيسى عليه السلام لأنه يقوم فيقول ما قص الله عنه ما قلت لهم إلا ما أمرتني به الآية فكان صادقاً في الدنيا والآخرة فينفعه صدقه.
وأما المتكلم الآخرة فإبليس فإنه يقوم فيقول وقال الشيطان لما قضى الأمر الآية فصدق عدو الله فيما قال ولم ينفعه صدقه.
وقال عطاء هو يوم من أيام الدنيا لأن الآخرة دار جزاء لا دار عمل وذهب في هذا القول إلى ظاهر الآية من أن الصدق النافع إنما يكون في الدنيا وهذا القول موافق لمذهب السدي حيث يقول إن هذه المخاطبة جرت مع عيسى عليه السلام حين رفع إلى السماء، والوجه ما ذهب إليه الجمهور. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾