وقال الجلال السيوطي في وجه المناسبة : أنه تعالى لما ذكر في آخر المائدة لله ملك السموات والأرض وما فيهن على سبيل الإجمال افتتح جل شأنه هذه السورة بشرح ذلك وتفصيله فبدأ سبحانه بذكر خلق السموات والأرض وضم تعالى إليه أنه جعل الظلمات والنور وهو بعض ما تضمنه ما فيهن ثم ذكر عز أسمه أنه خلق النوع الإنساني وقضى له أجلا وجعل له أجلا آخر للبعث وأنه جل جلاله منشيء القرون قرنا بعد قرن ثم قال تعالى : قل لمن ما في السموات الخ فأثبت له ملك جميع المظروفات لظرف المكان ثم قال عز من قائل : وله ما سكن في الليل والنهار فأثبت أنه جل وعلا ملك جميع المظروفات لظرف الزمان ثم ذكر سبحانه خلق سائر الحيوان من الدواب والطير ثم خلق النوم واليقظة والموت ثم أكثر عز وجل في أثناء السورة من الانشاء والخلق لما فيهن من النيرين والنجوم وفلق الاصباح وفلق الحب والنوى وانزال الماء واخراج النبات والثمار بأنواعها وانشاء جنات معروشات وغير معروشات إلى غير ذلك مما فيه تفصيل ما فيهن وذكر عليه الرحمة وجها آخر في المناسبة أيضا وهو أنه سبحانه لما ذكر في سورة المائدة يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا ما أحل الله لكم الخ وذكر جل شأنه بعده ما جعل الله من بحيرة الخ فأخبر عن الكفار أنهم حرموا أشياء مما رزقهم الله تعالى افتراء على الله عز شأنه وكان القصد بذلك تحذير المؤمنين أن يحرموا شيئا من ذلك فيشابهوا الكفار في صنعهم وكان ذكر ذلك على سبيل الايجاز ساق جل جلاله هذه السورة لبيان حال الكفار في صنعهم فأتى به على الوجه الأبين والنمط الأكمل ثم جادلهم فيه واقام الدلائل على بطلانه وعارضهم وناقضهم إلى غير ذلك مما اشتملت عليه القصة فكانت هذه السورة شرحا لما تضمنته تلك السورة من ذلك على سبيل الاجمال وتفصيلا وبسطا وإتماما وإطنابا وافتتحت بذكر الخلق والملك لأن الخالق والمالك هو الذي له التصرف في ملكه ومخلوقاته اباحة ومنعا وتحريما وتحليلا فيجب أن


الصفحة التالية
Icon