الفقراء، أي : لا تقتلوهم من فقر بكم، فحسن :(نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ) ما يزول به إملاقكم ثم قال :(وَإِيَّاهُمْ) أى
نرزقكم جميعا.
وقوله تعالى :(خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ) خطاب للأغنياء، أي خشية
إملاق يتجدد لهم بسببهم، فحسن :(نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ).
١٣٨ - مسألة :
قوله تعالى في آخر الوصية الأولى :( تَعْقِلُونَ ) وفى آخر الثانية :( لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ).
وآخر الثالثة :( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )؟.
جوابه :
أن الوصايا الخمس إنما يحمل على تركها العقل الغالب على
الهوى، لأن الإشراك بالله لعدم استعمال العقل الدال على
توحيد الله وعظمته ونعمه على عبيده، وكذلك عقوق
الوالدين لايقتضيه العقل لسبق إحسانهما إلى الولد بكل
طريق، وكذلك قتل الأولاد بالوأد من الإملاق مع وجود
الرازق الكريم، وكذلك إتيان الفواحش لا يقتضيه عقل،
وكذلك قتل النفس لغيظ أو غضب في القاتل فحسن بعده :
( تَعْقِلُونَ ).
وأما الثانية : فلتعلقها بالحقوق المالية والقولية، أي : لعلكم
تذكرون في أنفسكم أن لو كان الأيتام أولادكم وكنتم أنتم
المقايضين لأنفسهم ما يكال أو يوزن، أو المشهود عليه، أو
المقر له، أو الموعود، أكنتم ترضونه لأنفسكنم؟ فما لا ترضونه لأنفسكم لا ترضونه لغيركم.
وأما الثالثة : فلأن ترك اتباع الشرائع الدينية مؤد
إلى غضب الله تعالى وإلى جهنم لما فيه من معصية الله تعالى،
فحسن :( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) ذلك، أو تتقون عذاب الله سبحانه بسببه.
١٣٩ - مسألة :
قوله تعالى :(وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ ).
وفى الأنبياء :(وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ)
قدم الإنزال ههنا وأخره في الأنبياء؟.
جوابه :
قدم الإنزال ههنا ردا على قول فنحاص بن عازوراء :(مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ) فبدأ به اهتماما به،
ولأن الكتب سماوية فناسب البداءة بالإنزال.