قوله :﴿وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ﴾ وفى يونس ﴿يَسْتَمِعُونَ﴾ لأَنَّ ما فى هذه السّورة نَزَل فى أَبى سفيان، والنَّضْر بن الحارث، وعُتْبَة، وشَيْبَةَ، وأُمّيَّةُ، وأُبىّ بن خَلَفَ، فلم يكثروا ككثرة قوله (مَن) فى يونس لأَنَّ المراد بهم جميع الكفَّار، فحمل ههنا مرَّة على لفظ (مَنْ) فوُحِّدَ ؛ لقلًَّتهم، ومرَّة على المعنى، فجمع ؛ لأَنَّهم وإشن قَلُّوا جماعةٌ.
وجُمع ما فى يونس ليوافق اللَّفظ المعنى.
وأَمَّا قوله فى يونس :﴿وَمِنهُمْ مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ﴾ فسيأْتى فى موضعه إِن شاءَ الله تعالى.
قوله :﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ﴾ ثمّ أَعاد فقال :﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى رَبِّهِمْ﴾ لأَنَّهم أَنكروا النَّار فى القيامة، وأَنكروا الجزاءَ والنَّكال، فقال فى الأُولى :﴿إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ﴾، وفى الثَّانية ﴿عَلَى رَبِّهِمْ﴾ أَى جزاءِ ربِّهم ونكالِه فى النار، وختم بقوله :﴿فَذُوْقُوْا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُوْنَ﴾.
قوله :﴿إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ﴾ ليس غيره.
وفى غيرها بزيادة (نموت ونحيا) لأَنَّ ما فى هذه السّورة عند كثير من المفسرين متَّصل بقوله ولو رُدُّوا لعادوا لما نُهوا عنه وقالوا إِن هى إِلاَّ حياتنا الدنيا الدنيا وما نحن بمبعوثين ولم يقولوا ذلك، بخلاف ما فى سائر السُّوَر ؛ فإِنهم قالوا ذلك ؛ فحكى الله تعالى عنهم.
قوله :﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَآ إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾ قدّم اللَّعب على اللَّهو فى موضعين هنا، وكذلك فى القتال، والحديد، وقدّم اللَّهو على اللَّعب فى الأَعراف، والعنكبوت، وإِنما قدّم اللَّعب فى الأَكثر لأَنَّ اللعب زمانه الصبا واللهو زمانه الصبا واللهو زمانه الشباب، وزمان الصبا مقدّم على زمان الشباب.