قوله :﴿مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ﴾، وفى الآية الأُخرى ﴿مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ﴾ لأَنَّ أَكثر ما جاءَ فى القرآن من هاتين الكلمتين جاءَ بلفظ التَّشابه، نحو قوله :﴿وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً﴾ ﴿إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا﴾ ﴿تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ ﴿وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾ فجاءَ ﴿مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ﴾ فى الآية الأُولى و﴿مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ﴾ فى الآية الأُخرى على تلك القاعدة.
ثمّ كان لقوله "تشابه" معنيان : أَحدهما الْتَبس، والثانى تساوى، وما فى البقرة معناه : الْتبس فحَسْب، فبيّن بقوله :﴿مُشْتَبِهاً﴾ ومعناه : ملتبساً أَنَّ ما بعده من باب الالتباس أَيضاً، لا من باب التساوى والله أَعلم.
قوله :﴿ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إله إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ فى هذه السورة، وفى المؤمن ﴿خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لاَّ إله إِلاَّ هُوَ﴾ ؛ لأَنَّ فيها قبله ذكر الشركاء، والبنين، والبنات، فدفع قول قائله بقوله : لا إِله إِلاَّ هو، ثمّ قال ﴿خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ وفى المؤْمن قبله ذكر الخَلْق وهو ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ﴾ لا على نفى الشَّريك، فقدم فى كل سورة ما يقتضيه ما قبله من الآيات.
قوله :﴿وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ﴾ وقال فى الآية الأُخرى من هذه السّورة :﴿وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ﴾ لأَنَّ قوله :﴿وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ﴾ وقع عقِيب آيات فيها ذِكر الرَب مرّات وهى ﴿جَآءَكُمْ بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ﴾ الآيات.
فختمها بذكر الرّب ؛ ليوافق ﴿أُخْرَاهَا أُوْلاَهَا﴾.
قوله :﴿وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ﴾ وقع بعد قوله ﴿وَجَعَلُواْ للَّهِ مِمَّا ذَرَأَ﴾ فختم بما بدأَ.