" فصل "
قال العلامة مجد الدين الفيروزابادى :
( بصيرة فى.. الحمد لله الذى خلق السماوات والأرض )
هذه السورة مكّيّة، سوى ستّ آيات منها: ﴿وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ إِلى آخر ثلاث آيات ﴿قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ﴾ إلى آخر ثلاث آيات.
هذه الآيات السّت نزلت بالمدينة فى مرّتين، وبقى السّورة نزلت بمكة دفعة واحدة.
عدد آياتها مائة وخمس وستون آية عند الكوفيّين، وستّ عند البصريّين والشَّأْميّين، وسبع عند الحجازىّ.
وعدد كلماتها ثلاثة آلاف واثنتان وخمسون كلمة وعدد حروفها اثنا عشر أَلفاً ومائتان وأَربعون.
والمختلف فيها أَربع آيات ﴿الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ ﴿بِوَكِيلٍ﴾ ﴿كُنْ فَيَكُوْن﴾ ﴿إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾.
فواصل آياتها ( لم م ن ظ ر) يجمعها لمَ نظر).
ولهذه السّورة اسمان: سورة الأَنعام، لما فيه من ذكر الأَنعام مكرّرًا ﴿وَقَالُواْ هذه أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ﴾ ﴿وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً﴾ ﴿وَأَنْعَامٌ لاَّ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا﴾، وسورة الحُجّة ؛ لأَنَّها مقصورة على ذكر حُجّة النبوّة.
وأَيضاً تكرّرت فيه الحجّة ﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَآ آتَيْنَاهَآ إِبْرَاهِيمَ﴾ ﴿قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ﴾.
مقصود السّورة على سبيل الإِجمال، ما اشتمل على ذكره: من تخليق السّموات والأَرض، وتقدير النُّور والظلمة، وقضاءِ آجال الخَلْق، والرّد على منكِرى النبوّة، وذكر إِنكار الكفَّار فى القيامة، وتمنّيهم الرّجوع إِلى الدّنيا، وذكر تسلية الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم عن تكذيب المكذِّبين، وإِلزام الحجّة على الكفار، والنَّهى عن إِيذاءِ الفقراءِ، واستعجال الكفَّار بالعذاب، واختصاص الحقّ تعالى بالعلم المغيّب، وقهره، وغلبته على المخلوقات، والنَّهى عن مجالسة النَّاقضين ومؤانستِهم، وإِثبات البعث والقيامة، وولادة الخيل عليه السلام، وعرْض الملَكزت عليه، واستدلاله، حال خروجه من الغار، ووقوع نظره على الكواكب، والشمس، والقمر، ومناظرة قومه، وشكاية أَهل الكتاب، وذكرهم حالة النزع، وفى القيامة، وإِظهار بُرْهان التَّوحيد ببيان البدائع والصّنَائع، والأَمر بالإِعراض عن المشركين، والنَّهى عن سبِّ الأَنام، وعُبّادها، ومبالغة الكفَّار فى الطّغيان، والنَّهى عن أَكل ذبائح الكفَّار، ومناظرة الكفار، ومحاورتهم فى القيامة، وبيان شَرْع عَمْروا بن لُحىّ فى الأَنعام بالحلال والحرام، وتفصيل محرّمات الشريعة الإِسلامية، ومُحْكَمَات آيات القرآن، والأَوامر والنَّواهى من قوله تعالى ﴿قُلْ تَعَالُوْا﴾ إِلى آخر ثلاث آيات، وظهور أَمارات القيامة، وعلاماتها فى الزَّمن الأَخير، وذكر جزاءِ الإِحسان الواحد بعشرة، وشكر الرّسول على تبرّيه من الشرك، والمشركين، ورجوعه إِلى الحق فى مَحياه ومَمَاته، وذكر خلافة الخلائق، وتفاوت درجاتهم، وختم السّورة بذكر سرعة عقوبة الله لمستحِقِّيها، ورحمته، ومغفرته لمستوجبيها، بقوله ﴿إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ العِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيْمٌ﴾.


الصفحة التالية
Icon